.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة : فالمصنف كالشيخ (قدهما) قائل بجريان استصحاب الكلي في كل من القسم الأول والثاني ، بل الشيخ نسب جريانه في القسم الثاني إلى المشهور ،
__________________
مرة وأصالة عدم ما يوجبه مرتين. وأما بلحاظ كل من الخصوصيّتين فلأن أثر البول عدم كفاية الغسل مرة ، وأثر الدم جواز الاكتفاء به مرة. وليست الغسلة الأولى هي المتيقنة حتى ينفي الزائد عليها بالأصل ، وذلك لاندراج المقام في المتباينين لا الأقل والأكثر ، ضرورة عدم كون أثر الدم وجوب الغسل مرة المجتمع مع جواز الاكتفاء به وعدم جواز الاكتفاء به ، لأنه أثر طبيعي النجس. وأما أثر الدم فهو وجوب الغسل اللابشرط القسمي المساوق لجواز الاكتفاء فيه بمرة ، ومن المعلوم أنه مباين للغسل بشرط شيء ، لتقابل التعين اللابشرط القسمي مع بشرط شيء ، وليس أحدهما متيقنا بالإضافة إلى الآخر (١).
لكن يمكن أن يقال : ان وجوب الغسل مرة في الدم وان كان لا بشرط تعقبه بغسلة ثانية ، إلّا أن الاكتفاء بالمرة إنما يستفاد من إطلاق الأمر بطبيعة الغسل وعدم تقيده بمرتين كما قيّد بهما في تطهير المتنجس بالبول ، فالمطلوب حينئذ هو صرف الوجود من الغسل المنطبق على أول وجوداته ، فاندراج المقام في المتباينين بلحاظ تقابل الاعتبارات منوط بكون اللابشرط مأخوذا في الأمر بتطهير المتنجس بالدم ، مع أن إطلاق الأمر يقتضي كون المأمور به طبيعي الغسل في قبال المتنجس بالبول الّذي ورد فيه الأمر بغسله مرتين ، وحينئذ فيندرج المقام في الأقل والأكثر ، لكون التعدد قيدا زائدا على مطلوبية أصل الطبيعة ، فلا مانع من إجراء الأصل لنفي الأثر المختص بأحد الفردين ، هذا.
مضافا إلى : استلزام هذا البيان إنكار جريان الأصل في الأقل والأكثر مطلقا ، لصيرورة الطرفين بلحاظ اعتبار اللابشرط وبشرط شيء من المتباينين ، ولازم العلم الإجمالي بالتكليف في أحدهما هو الاشتغال لا البراءة عن الأكثر.
__________________
(١) نهاية الدراية ، ٣ ـ ٧٦