وكان (١) (*) الشك فيه كالشك في بقاء الحكم الثابت في هذه الشريعة لغير من وجد في زمان ثبوته. والشريعة السابقة (٢) وان كانت منسوخة
______________________________________________________
(١) معطوف على «كان الحكم» وحاصله : أنه بناء على كون الأحكام الإلهية مطلقا سواء أكانت من أحكام هذه الشريعة أم من الشرائع السابقة من القضايا الحقيقية لا فرق في اعتبار استصحاب عدم النسخ في حق غير الموجود في زمان التشريع بين أحكام هذه الشريعة وغيرها من الشرائع ، وذلك لاجتماع ركني الاستصحاب من اليقين والشك في كلا الموردين. وعليه فوزان استصحاب الشاك غير الموجود في زمان ثبوت الدين من الأمم السابقة في حكم من أحكامهم وزان استصحاب الشاك غير الموجود من هذه الأمة في صدر الإسلام في بقاء حكم من أحكام هذه الشريعة في صحة جريانه في كلا الموردين ، لاجتماع أركانه من اليقين والشك. وضمير «فيه» راجع إلى الحكم في الشريعة السابقة ، وضمير «ثبوته» راجع إلى الحكم الثابت ، و «لغير» قيد لـ «بقاء» و «في زمان» متعلق بـ «وجد».
(٢) هذا إشارة إلى بطلان ثاني وجهي التوهم ، وهو اختلال الركن الثاني أعني به الشك في البقاء ، للقطع بالارتفاع بسبب النسخ. توضيح وجه البطلان : أن انهدام الركن الثاني وهو الشك في البقاء بسبب النسخ منوط بنسخ جميع أحكام تلك الشرائع بهذه الشريعة ، إذ يقطع حينئذ بارتفاعها ، ولا يبقى شك في بقائها حتى تستصحب. ولكنه ممنوع ، إذ ليس معنى نسخ شريعة رفع تمام أحكامها بنحو السلب الكلي ، بل معنى نسخها رفعها بنحو رفع الإيجاب الكلي ، فيصدق نسخ شريعة بنسخ جملة من أحكامها ، ففي الحكم الّذي لم يعلم نسخه يجري الاستصحاب.
__________________
(*) في كفاية اليقين بثبوته بحيث لو كان باقيا ولم ينسخ لعمّه ، ضرورة صدق أنه على يقين منه فشك فيه بذلك ، ولزوم اليقين بثبوته في حقه سابقا بلا ملزم.
وبالجملة : قضية دليل الاستصحاب جريانه لإثبات حكم السابق للّاحق وإسرائه إليه فيما كان يعمه ويشمله لو لا طروء حالة معها يحتمل نسخه ورفعه ، وكان دليله قاصرا عن شمولها من دون لزوم كونه ثابتا له قبل طروئها أصلا كما لا يخفى.