والتحقيق (١) أن يقال : ان مفاد العام تارة يكون بملاحظة
______________________________________________________
(١) اعلم : أن تفصيل المصنف (قده) في هذا التنبيه بفرض صور أربع أو أكثر ـ كما سيأتي في استدراكه بقوله : «نعم» ـ ناظر إلى كلام شيخنا الأعظم في التنبيه العاشر ، حيث انه اقتصر على بيان صورتين : إحداهما : ظرفية الزمان لاستمرار حكم العام ، وثانيتهما : قيديته الموجبة لتكثر أفراد العام كما ستقف عليه. وكان الأنسب تقرير كلام الشيخ أوّلا ثم التعرض لمورد نظر المصنف فيه ثانيا ، لكن لمّا كان ما أفاده الشيخ مطويّا في كلام المصنف مع تفصيل زائد عليه ابتكره ، فتوضيح المتن يغني عن التعرض لكلام الشيخ مستقلا ، مع أنه سيأتي في آخر البحث نقل شيء من كلامه عند تعرض الماتن له ، وعليه فالأولى توضيح المتن مع ملاحظة ما حققه في حاشية الرسائل ، فنقول وبه نستعين :
ان الدليل الدال على ثبوت حكم لموضوع عام إما أن يتكفل لثبوته في جميع الأزمنة كقوله : «أكرم العلماء دائما» وإما أن يتكفل لثبوته في زمان خاص كقوله : «أكرم العلماء إلى أن يفسقوا» بناء على اعتبار مفهوم الغاية ، وإما أن لا يتكفل للحكم في الزمان الثاني نفيا وإثباتا ، إما لإجماله كما إذا أمر بالجلوس إلى الليل وتردد مبدؤه بين استتار القرص وذهاب الحمرة ، أو لقصور دلالته كقوله : «الماء إذا تغير تنجس» لعدم دلالته على بقاء النجاسة وارتفاعها بعد زوال التغير. وحكم هذه الصور واضح ، فالمرجع في الأوليين نفس الدليل ، لدلالته على العموم الأزماني كما في الصورة الأولى ، وعلى الاختصاص بزمان العدالة في الصورة الثانية ، كما أن الاستصحاب هو المرجع في الصورة الثالثة.
إنما الكلام فيما إذا ورد عموم أفرادي يتضمن العموم الأزماني بدليل لفظي أو بمقدمات الحكمة ، وخرج بعض الأفراد في بعض الأزمنة عن العموم ، ولم يتكفل الدليل الخاصّ لكيفية خروجه وأنه خرج في بعض الأزمنة أو في جميعها ، فهنا صور يرجع في بعضها إلى العام وفي بعضها إلى استصحاب حكم المخصص وفي بعضها إلى حجة أخرى غير العام والاستصحاب.