٦٣٣ ـ والذئب أخشاه إن مررت به |
|
وحدي وأخشى الرّياح والمطرا |
وهذا الذي قاله ابن طلحة في البيت صحيح ، ولا يمتنع من أجله أن يأتي الوجهان المتقدّمان في : رأيت زيدا وحده ؛ فإنّ المعنى يصحّ معهما. و (وحده) يضاف إلى ضمير المتكلّم والمخاطب والغائب ، فتقول : ضربته وحدي ، وضربته وحده ، وضربتك وحدك ، وضربتك وحدي ، ويختلف المعنى بحسب ذلك.
ومنهم من يقول : (وحده) مصدر موضوع موضع الحال. وهؤلاء يخالفون الأولين في كونه اسم مصدر ، فمن هؤلاء من يقول : إنّه مصدر على حذف حروف الزيادة أي إيحاده ، ومنهم من قال : إنّه مصدر لم يوضع له فعل.
وذهب يونس وهشام في قوليه إلى أنّه منتصب انتصاب الظروف فيجريه مجرى (عند) ، فجاء زيد وحده ، تقديره : جاء زيد على وحده ، ثمّ حذف الحرف ونصب على الظرف ، وحكي من كلام العرب : «جلسنا على وحدتنا». وإذا قلت : «زيد وحده» فكان التقدير : زيد موضع التفرّد ، ولعل هؤلاء يقولون : إنّه مصدر وضع موضع الظرف ، وحكي عن الأصمعي : «وحد يحد».
ويدلّ على انتصابه على الظرف قول العرب : «زيد وحده».
فهذا خبر لا حال وأجاز هشام في : «زيد وحده» ، وجها آخر وهو أن يكون منصوبا بفعل مضمر يخلفه (وحده) ، كما قالت العرب : «زيد إقبالا وإدبارا». قال هشام ومثل «زيد وحده» ، في هذا المعنى : زيد أمره الأول ، و «قصّته الأولى» و «حاله الأولى» ، خلف هذا المنصوب الناصب كما خلف (وحده) (وحد) ، وسمّى هذا منصوبا على الخلاف الأول. وقال : لا يجوز «وحده زيد» كما لا يجوز «إقبالا وإدبارا عبد الله» وكذلك «قصّته الأولى سعد» ، وعلى أنّه منصوب عى الظرف. يجوز : «وحده زيد» كما يجوز : «عندك زيد».
هذا كلام النحاة وهو توسّع فيما تقضيه الصناعة ، واللسان والمعنى متقارب ، كلّه دائر على ما يفيده من الحصر في المذكور. فقول : «الحمد لله وحده» ، يفيد حصر الحمد في الله سبحانه وتعالى. وقوله تعالى : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) [الإسراء : ٤٦] ـ والضمير يعود على «ربّك» ـ فمعناه لم يذكر معه غيره ،
__________________
٦٣٣ ـ الشاهد للربيع بن ضبع الفزاري في الكتاب (١ / ١٤٤) ، وأمالي المرتضى (١ / ٢٥٥) ، وحماسة البحتري (ص ٢٠١) ، وخزانة الأدب (٧ / ٣٨٤) ، وشرح التصريح (٢ / ٣٦) ، ولسان العرب (ضمن) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٩٨) ، وبلا نسبة في الردّ على النحاة (ص ١١٤) ، وشرح المفصّل (٧ / ١٠٥) ، والمحتسب (٢ / ٩٩).