ووصلتهما جاز استعمالهما جميعا في الخير والشّرّ كما تقول : وعدته خيرا وشرّا. وأجمع الجميع على أنك إذا قلت : أوعدته بكذا ، لا يكون إلّا في الشّرّ ، لا خلاف في ذلك ، وأنشدوا : [الرجز]
٦٧٥ ـ أوعدني بالسّجن والأداهم |
|
رجلي ، ورجلي شثنة المناسم |
وقال ابن دريد : ممّا أجمع عليه أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعيّ : أوعدته بالشّرّ لا غير مع الباء.
وأمّا قوله لثعلب : إنّ في الفصيح «هم المطوّعة» بالتّخفيف ، وإنّما هم (المطوّعة) بالتّشديد ، وأنّ ثعلبا قال : ما قلت إلّا بالتّشديد ، فقال ما قلت إلّا بالتّخفيف ، فهذا مكابرة العيان ، والحجّة على هذا ساقطة.
وأمّا قوله : «لرشدة وزنية» وإنّما يجب أن يكون بالفتح مثل : ضربته ضربة ، فهذا خطأ ، لأنّه قد يجاء بالكسر والفتح والضمّ ، حدّثنا ابن مجاهد عن السّمّريّ عن الفرّاء أنّ العرب تقول : «حججت حجّة واحدة» بالكسر ، و «رأيته رؤية واحدة» بالضمّ وسائر كلام العرب بالفتح. وممّا يجاء بالكسر : «وعدته عدة» و «وزنته زنة» ، وأمّا الاسم فيجاء على فعله ، و «لكلّ وجهة» اسم ، ولو كان مصدرا لقيل : (جهة). فأمّا الهيئة والحال فبالكسر : ما أحسن ركبته ، وجلسته ، وعمّته ، واختيار الكوفيّين : «ولد فلان لزنية ورشدة وخبثة» واختيار البصريّين الفتح. وأمّا (غيّة) فإجماع أنّها مفتوحة استثقالا للكسر مع الياء والتشديد.
وأمّا قوله : هي (أسنمة) بالضمّ ، فالجواب ساقط عن هذا ، ومعارضة الزّجّاج فيه جهل لأنّ الكوفيّين عندهم أنّ ابن الأعرابيّ أعلم من الأصمعي بطبقات وأورع.
وأمّا قوله : «إذا عزّ أخوك فهن» فهو بضمّ الهاء ، وهذا مثل أسير في كلام العرب وأشهر من الفرس الأبلق. وكذلك رواه كلّ من ألّف كتابا : أبو عبيدة في (المجلّة
__________________
٦٧٥ ـ الرجز للعديل بن الفرخ في خزانة الأدب (٥ / ١٨٨) ، والدرر (٦ / ٦٢) ، والمقاصد النحوية (٤ / ١٩٠) ، وتاج العروس (دهم) ، وبلا نسبة في ديوان الأدب (٣ / ٢٦٦) ، وإصلاخ المنطق (ص ٢٢٦) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١٢٤) ، وشرح الأشموني (٢ / ٤٣٩) ، وشرح التصريح (٢ / ١٦٠) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ٢١) ، وشرح شذور الذهب (ص ٥٧٢) ، وشرح ابن عقيل (ص ٥١٠) ، وشرح المفصّل (٣ / ٧٠) ، وتاج العروس (وعد) ، ومقاييس اللغة (٦ / ١٢٥) ، ولسان العرب (وعد) ، و (رهم) ، ومجالس ثعلب (ص ٢٧٤) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢٧) ، وتهذيب اللغة (٣ / ١٣٤) ، ومجمل اللغة (٤ / ٥٣٩) ، والمخصص (١٢ / ٢٢١).