أحدهما : في بيان إشكال هذا المثال.
والثاني : في الجواب عمّا تضمّنه السؤال. فأمّا الأوّل : فاعلم أنّه لا يخلو ما بعد الواو في هذا المثال ، من أن يكون معطوفا على المبتدأ ، أو على الخبر ، أو على ضميره ، أو غير معطوف ، وكلّ مشكل :
أمّا الأوّل : فلاستلزامه مشاركة المعطوف للمعطوف عليه في التجرّد للإخبار عنه ب «أعلم».
وأما الثاني : فلاستلزامه مشاركته له في الإخبار به عن «أنت».
وأما الثالث : فلاستلزامه مشاركته في إسناد «أعلم» إليه. وكلّ ذلك ظاهر الامتناع من حيث المعنى. ويلزم على الثالث أيضا من حيث الصناعة ، رفع اسم التفضيل للظاهر في غير مسألة الكحل ، والعطف على الضمير المرفوع المتّصل من غير توكيد ولا فصل ، وهما ضعيفان. فإن استسهل الأول بأنّهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل أجيب : بأنّ اغتفارهم ذلك ، لم يثبت في مسألة رفع اسم التفضيل الظاهر في غير محلّ النزاع فيحمل هذا عليه.
وأمّا الرابع : فإنّه لا بدّ من تقدير خبر آخر حينئذ ، فإن قدّر المحذوف مبتدأ ، فالتقدير : أنت ومالك» وإن قدّر خبرا فالتقدير : «مالك أعلم» وكلاهما ظاهر الاستحالة. ولا يمكن أن يقدّر مبتدأ أو خبر غير ما تقدّم ذكره ؛ لأنّ مثل هذا الحذف مشروط بكون المحذوف مماثلا للمذكور ، كما في قوله تعالى : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) [الرعد : ٣٥] ، وقوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) [البقرة : ١٤٠] ، في قول من قدّر «أم» منقطعة ؛ وذلك لما استقرّ عليه قول الجمهور ، من أنّ «أم» المنقطعة لا تقع إلّا بين جملتين ؛ فيجب على قولهم تقدير الخبر ، كما وجب في «إنّها لإبل أم شاء» (١) تقدير المبتدأ. وأمّا إذا قدّرت «أم» المتّصلة ـ وهو الظاهر ـ فلا حذف.
وأمّا الثاني : فمجموع ما رأيت في ذلك ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ «مالك» معطوف على «أنت» ، و «أعلم» خبر عنهما. واعتذر عن نسبة «أعلم» إلى المال بوجهين ؛ أحدهما : أنّه لمّا كان النظر في المال ، يلزم منه في الأكثر مجيئه على حسب اختيار الناظر فيه ، نسب العلم إليه مجازا. قاله ابن الصائغ وعلى قوله قالوا : وللتّشريك في اللفظ والمعنى كما هو قاعدتها. وفي هذا الوجه نظر ، بعد تسليم جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز ، لأنّا لا نعلمهم أجازوه إلّا في
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ١٩٥).