وهو سعيد بن مسعدة تلميذ سيبويه. وحيث أطلق النحويّون البصريّين لا يريدون غيره.
وممّن نقل الإجماع عليه أيضا : المام أبو بكر بن طاهر المعروف بالخدبّ ولكن نقل عن أبي الحسن أنّه أعرب «فداء» من قولهم : «فداء لك أبي» حالا. ونقل عن الإمام المحقّق عبد الواحد بن علي الأسديّ المعروف بابن برهان قول أسهل من ذلك ، وهو أنّه أجاز ذلك في الظّرف. وقد وقفت له على ذلك. قال في شرحه للّمع في قوله تعالى : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ) [الكهف : ٤٤] : (هنالك) ظرف مكان ، وهي حال. و (الولاية) مبتدأ ، (لله) الخبر. ولام الجرّ عملت في الحال مع تقدّمها على اللام لأنّها بلفظ الظّرف. وأنشد لابن مقبل العجلانيّ : [الطويل]
٦٢٠ ـ ونحن منعنا البحر أن تشربوا به |
|
وقد كان منكم ماؤه بمكان |
ثمّ قال : «(منكم) حال والعامل فيه الباء في (بمكان)».
وعلى هذا ففي المسألة ثلاثة مذاهب : المنع مطلقا ، وهو قول من عدا الأخفش وابن برهان ، والجواز مطلقا ، وهو قول الأخفش ، والجواز إذا كان العامل ظرفا ، والمنع إذا كان غير ظرف ، وهو قول ابن برهان. وعلى هذين القولين فيجوز الوجه الخامس في الآية. ولكنّهما قولان شاذّان مخالفان لما يقتضيه القياس والسّماع. والذي أجازه أصعب من الذي أجازه ابن برهان ولعلّ الذين نقلوا الإجماع على خلاف ذلك لم يعتدّوا بهما ، أو رأوا أنّ القائل بهما ذهل عن القاعدة. ووقفت للأخفش على خلاف ما نقل عنه ، في (كتابه الصّغير) : «هذا باب من الحال ، اعلم أنّ قولهم : «هذا عبد الله قائما في الدّار» ـ على الحال ـ جائز ؛ وقد قدّمت الحال قبل العامل لأنّ الحال ل (عبد الله). فإذا قدّمت الذي الحال له في المعنى كان جائزا». هذا نصّه ، والنّسخة التي عندي معتمدة ، لأنّها بخطّ أبي الفتح بن جنّي. قوله رحمه الله : «فإذا قدّمت الذي الحال له في المعنى كان جائزا» دليل على أنّك إذا أخّرت الذي الحال له كان ممتنعا. ثمّ إنّه صرّح بذلك بعد فقال : «ولو قلت «قائما في الدار عبد الله» لم يجز» هذا نصّه بحروفه.
فإن قلت : فما تصنع بما احتجّ به ابن برهان؟ قلت لا دليل في شيء منه. أمّا الآية الكريمة (٢) فيجوز في (هنالك) أن تكون ظرفا ل (منتصرا). وعلى هذا الوجه
__________________
٦٢٠ ـ الشاهد لابن مقبل في ديوانه (ص ٣٤٦) ، ولسان العرب (بحر) ، ولبعض الخوارج في المقاصد النحوية (٣ / ١٧٣).
(١) يشير إلى سورة الكهف الآية (٤٤).