من قبل أن هذه طريق الحكاية ، وما كان كذلك فالخطب فيه أيسر ، والشناعة فيه أوهى وأسقط. وليس ما كنّا عليه مذهبا له تعلّق بحديث الحكاية. وكذلك إن كانت الصفة جملة لم يجز أن تقع فاعلة ولا مقامة مقام الفاعل ؛ ألا تراك لا تجيز قام وجهه حسن ، ولا ضرب قام غلامه ، وأنت تريد : قام رجل وجهه حسن ، ولا ضرب إنسان قام غلامه. وكذلك إن كانت الصفة حرف جرّ أو ظرفا لا يستعمل استعمال الأسماء. فلو قلت : جاءنى من الكرام ؛ أى رجل من الكرام. أو حضرنى سواك ؛ أى إنسان سواك ؛ لم يحسن لأن الفاعل لا يحذف. فأمّا قوله :
أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط |
|
كالطعن يهلك فيه الزيت والفتل (١) |
فليست الكاف هنا حرف جر ، بل هى اسم بمنزلة مثل ؛ كالتى فى قوله :
*على كالقطا الجونىّ أفزعه الزجر (٢) *
وكالكاف الثانية من قوله :
*وصاليات ككما يؤثفين*
(أى كمثل ما يؤثفين) وعليه قول ذى الرمّة :
أبيت على ميّ كئيبا وبعلها |
|
على كالنقا من عالج يتبطح (٣) |
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١١٣ ، والأشباه والنظائر ٧ / ٢٧٩ ، والجنى الدانى ص ٨٢ ، والحيوان ٣ / ٤٦٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ١٠ / ١٧٠ ، والدرر ٤ / ١٥٩ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٨٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٣٤ ، وشرح المفصل ٨ / ٤٣ ، ولسان العرب (دنا) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٩١ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١٩٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٦٦ ، والمقتضب ٤ / ١٣١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣١. ويروى : (يذهب) مكان (يهلك). الفتل : جمع الفتيل ، وهو هنا ما يستعمل فى الجراحة. أراد طعنا نافذا إلى الجوف يغيب فيه الزيت والفتل.
(٢) عجز البيت من الطويل ، وهو للأخطل فى ديوانه ص ٤٢٠ ، والمقتضب ٤ / ١٤٢ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١٩٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٨٧ ، ٣٠١. ويروى (أفزعها) مكان (أفزعه). وصدره :
*قليل غرار النوم حتى تقلصوا*
(٣) البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ١٢١٠ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٦٧ ، ١٧١ ، ـ ـ