فأمّا قول الهذلى :
فلم يبق منها سوى هامد |
|
وغير الثمام وغير النؤى |
ففيه قولان : أحدهما أن يكون فى (يبق) ضمير فاعل من بعض ما تقدّم ، كذا قال أبو علىّ رحمهالله. والآخر أن يكون استعمل (سوى) للضرورة اسما فرفعه.
وكأنّ هذا أقوى ؛ لأن بعده : *وغير الثمام وغير النؤى*فكأنه قال : لم يبق منها غير هامد. ومثله ما أنشدناه للفرزدق من قوله :
أتته بمجلوم كأنّ جبينه |
|
صلاءة ورس وسطها قد تفلّقا (١) |
وعليه قول الآخر :
فى وسط جمع بنى قريط بعد ما |
|
هتفت ربيعة يا بنى جواب |
وقد أقيمت (الصفة الجملة) مقام الموصوف المبتدأ ؛ نحو قوله :
لو قلت ما فى قومها لم تيثم |
|
يفضلها فى حسب وميسم (٢) |
أى ما فى قومها أحد يفضلها ، وقال الله سبحانه : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) [الجنّ : ١١] أى قوم دون ذلك. وأمّا قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] فيمن قرأه بالنصب فيحتمل أمرين : أحدهما أن يكون الفاعل مضمرا ؛ أى لقد تقطع الأمر أو العقد أو الودّ ـ ونحو ذلك ـ بينكم. والآخر (أن يكون) ما
__________________
١٧٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٨٧ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١٩٨. عالج : موضع بالبادية به رمل. ويتبطح : يستلقى على وجهه. انظر الديوان ٨٥.
(١) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق فى ديوانه ص ٥٩٦ (طبعة الصاوى) ، وخزانة الأدب ٣ / ٩٢ ، ٩٦ ، والدرر ٣ / ٨٨ ، ولسان العرب (وسط) ، (جلم) ، وتاج العروس (جلم) ، ونوادر أبى زيد ص ١٦٣ ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ١ / ٢٠١. المجلوم : المحلوق. والصلاءة مدق الطيب ، والورس : نبت أصفر.
(٢) الرجز لحكيم بن معية فى خزانة الأدب ٥ / ٦٢ ، ٦٣ ، وله أو لحميد الأرقط فى الدرر ٦ / ١٩ ، ولأبى الأسود الحمانى فى شرح المفصل ٣ / ٥٩ ، ٦١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٧١ ، ولأبى الأسود الجمالى فى شرح التصريح ٢ / ١١٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٣٢٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٠٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٤٧ ، والكتاب ٢ / ٣٤٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٠ ، والمخصص ١٤ / ٣٠ ، وتاج العروس (أنم). تيثم : أصله تأثم ؛ فكسر حرف المضارعة وأبدل الهمزة ياء. والميسم : الحسن والجمال.