وأنشدوا :
أخو الذئب يعوى والغراب ومن يكن |
|
شريكيه تطمع نفسه كلّ مطمع (١) |
أودع ضمير (من) فى (يكن) على لفظ الإفراد وهو اسمها ، وجاء ب (شريكيه) خبرا ل (يكن) على معنى التثنية ، فكأنه قال : و (أىّ اثنين) كانا شريكيه طمعت أنفسهما كلّ مطمع. على هذا اللفظ أنشدناه أبو علىّ ، وحكى المذهب فيه عن الكسائىّ أعنى عود التثنية على لفظ (من) ؛ إلا أنه عاود لفظ الواحد بعد أن حمل على معنى التثنية بقوله : تطمع نفسه (ولم يقل : تطمع أنفسهما). ولو ذهب فيه ذاهب إلى أنه من المقلوب لم أر به بأسا ؛ حتى كأنه قال : ومن يكن شريكهما تطمع نفسه كل مطمع. وحسّن ذلك شيئا العلم بأنه إذا كان شريكهما كانا أيضا شريكيه ، فشجع بهذا القدر على ما ركبه من القلب. فاعرف ذلك.
والحمل على المعنى واسع فى هذه اللغة جدّا. ومنه قول الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) [البقرة : ٢٥٨] ثم قال : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) [البقرة : ٢٥٩] قيل فيه : إنه محمول على المعنى ، حتى كأنه قال : أرأيت كالذى حاجّ إبراهيم فى ربه ، أو كالذى مرّ على قرية ؛ فجاء بالثانى على أن الأول قد سبق كذلك. ومنه إنشادهم بيت امرئ القيس :
ألا زعمت بسباسة اليوم أننى |
|
كبرت وألا يحسن اللهو أمثالى (٢) |
بنصب (يحسن) والظاهر أن يرفع لأنه معطوف على أنّ الثقيلة ؛ إلا أنه نصب ، لأن هذا موضع قد كان يجوز (أن تكون) فيه أن (الخفيفة) حتى كأنه قال : ألا
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى المحتسب ٢ / ١٨٠.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٢٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٢١ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (لها) ، وتاج العروس (لها). بسباسة : اسم امرأة من بنى أسد.