العربيّة! أو كلاما هذا نحوه.
وأمّا كتاب الجمهرة ففيه أيضا من اضطراب التصنيف وفساد التصريف ما أعذر واضعه فيه ؛ لبعده عن معرفة هذا الأمر. ولمّا كتبته وقّعت فى متونه وحواشيه جميعا من التنبيه على هذه المواضع ما استحييت من كثرته. ثم إنه لمّا طال علىّ أومأت إلى بعضه ، وأضربت البتّة عن بعضه. وكان أبو على يقول : لمّا هممت بقراءة رسالة هذا الكتاب على محمد بن الحسن قال لى : يا أبا علىّ : لا تقرأ هذا الموضع علىّ ، فأنت أعلم به منّى. وكان قد ثبت فى نفس أبى علىّ على أبى العباس فى تعاطيه الرد على سيبويه ما كان لا يكاد يملك معه نفسه. ومعذورا كان (عندى فى ذلك) لأنه أمر وضع من أبى العباس ، وقدح فيه ، وغضّ كل الغضّ منه.
وذكر النضر عند الأصمعىّ فقال : قد كان يجيئنى ، وكان إذا أراد أن يقول : ألف قال : إلف.
ومن ذلك اختلاف الكسائىّ وأبى محمد اليزيدىّ عند أبى عبيد الله فى الشراء أممدود هو أم مقصور. فمدّه اليزيدىّ وقصره الكسائىّ فتراضيا ببعض (فصحاء العرب و) كانوا بالباب ، فمدّوه على قول اليزيدىّ. وعلى كل حال فهو يمدّ ويقصر. وقولهم : أشرية دليل المدّ (كسقاء) وأسقية.
ومن ذلك ما رواه الأعمش فى حديث عبد الله بن مسعود : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يتخوّلنا بالموعظة مخافة السآمة (١). وكان أبو عمرو بن العلاء قاعدا عنده بالكوفة فقال (الأعمش : يتخوّلنا ، وقال أبو عمرو يتخوننا) فقال الأعمش : وما يدريك؟ فقال أبو عمرو : إن شئت أن أعلمك أن الله ـ عزوجل ـ لم يعلمك (حرفا من العربية) أعلمتك. فسأل عنه الأعمش فأخبر بمكانه من العلم. فكان بعد ذلك يدنيه ، ويسأله عن الشىء إذا أشكل عليه. هذا ما فى هذه الحكاية. وعلى ذلك فيتخوّلنا صحيحة. وأصحابنا يثبتونها. ومنها ـ عندى ـ قول البرجمىّ :
__________________
(١) أخرجه البخارى فى «العلم» ، (ح ٦٨) ، وفى غير موضع ، ومسلم فى «صفات المنافقين» وغيرهما.