فقاد القصيدة كلها ، على أن آخر مصراع كل بيت منها منته إلى لام التعريف ، غير بيت واحد ؛ وهو قوله :
*فانتجعنا الحارث الأعرج فى*
فصار هذا البيت الذى نقض القصيدة أن تمضى على ترتيب واحد هو أفخر ما فيها. وذلك أنه دلّ على أن هذا الشاعر إنما تساند إلى ما فى طبعه ، ولم يتجشّم إلا ما فى نهضته ووسعه ، من غير اغتصاب له ولا استكراه أجاءه إليه ؛ إذ لو كان ذلك على خلاف ما حدّدناه وأنه إنما صنع الشعر صنعا ، وقابله بها ترتيبا ووضعا ، لكان قمنا ألا ينقض ذلك كله بيت واحد يوهيه ، ويقدح فيه. وهذا واضح.
وأمّا قول الآخر :
قد جعل النعاس يغرندينى |
|
أدفعه عنّى ويسرندينى (١) |
فلك فيه وجهان : إن شئت جعلت رويّه النون ؛ وهو الوجه. وإن شئت الياء ، وليس بالوجه.
وإن أنت جعلت النون هى الروىّ فقد التزم الشاعر فيها أربعة أحرف غير واجبة ، وهى الراء والنون والدال والياء. [ألا ترى أنه يجوز معها (يعطينى) و (يرضينى) و (يدعونى) و (يغزونى)] ؛ ألا ترى أنك إذا جعلت الياء هى الروىّ فقد زالت الياء أن تكون ردفا ؛ لبعدها عن الروىّ. نعم ، وكذلك كمّا كانت النون رويا كانت الياء غير لازمة. وإن أنت جعلت الياء الروىّ فقد التزم فيه خمسة
__________________
ـ ـ الأدب ٧ / ١٩٨ ، ٢٠٥ ـ ٢٠٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٣٢ ، وشرح المفصّل ٩ / ١٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥١١ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ٧١ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٣ ، والمنصف ١ / ٦٦.
(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (سرد) ، (غرند) ، وجمهرة اللغة ص ١٢١٥ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٢٩٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٩٦ ، وشرح التصريح ١ / ٣١١ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١١٣ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٨٥ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٢٠ ، وديوان الأدب ٢ / ٤٩٢ ، وتهذيب اللغة والمنصف ١ / ٨٦ ، ٣ / ١١ ، كتاب العين ٧ / ٣٤١ ، وتاج العروس (ثرنت) ، (سرد) ، (غرد) ، ومقاييس اللغة ٤ / ٤٣٢ ، ومجمل اللغة ٤ / ٤٩. الاغرنداء والاسرنداء : العلو والغلبة.