غير مضافة ، فلمّا لم تضف إلى جماعة عوّض من ذلك ذكر الجماعة فى الخبر. ألا ترى أنه لو قال : وكل له قانت لم يكن فيه لفظ الجمع البتّة ، ولما قال : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٩٥] فجاء بلفظ الجماعة مضافا إليها ، استغنى به عن ذكر الجماعة فى الخبر.
وتقول ـ على اللفظ ـ : كل نسائك قائم ، ويجوز : قائمة إفرادا على اللفظ أيضا ، وقاتمات على المعنى البتّة ؛ قال الله سبحانه ـ : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) [الأحزاب : ٣٢] ولم يقل : كواحدة ؛ لأن الموضع موضع عموم ، فغلب فيه التذكير ؛ وإن كان معناه : ليست كلّ واحدة منكن كواحدة من النساء ؛ لما ذكرناه من دخول الكلام (معنى العموم). فاعرف ذلك.
وصواب المسألة أن تقول : زيد أفضل بنى أبيه ، وأكرم نجل أبيه (وعترة أبيه) ، ونحو ذلك ، وأن تقول : زيد أفضل من إخوته ؛ لأن بدخول (من) ارتفعت الإضافة ، فجازت المسألة.
ومن المحال قولك : أحقّ الناس بمال أبيه ابنه. وذلك أنك إذا ذكرت الأبوّة فقد انطوت على البنوّة ، فكأنك إذا إنما قلت : أحقّ الناس بمال أبيه أحقّ الناس بمال أبيه. فجرى ذلك مجرى قولك : زيد زيد ، والقائم القائم ، ونحو ذلك مما ليس فى الجزء الثانى منه إلا ما فى الجزء الأوّل البتّة ، وليس على ذلك عقد الإخبار ؛ لأنه (يجب أن يستفاد من الجزء الثانى) ما ليس مستفادا من الجزء الأوّل. ولذلك لم يجيزوا : ناكح الجارية واطئها ، ولا ربّ الجارية مالكها ؛ لأن الجزء الأوّل مستوف لما انطوى عليه الثانى.
فإن قلت : فقد قال أبو النجم :
* أنا أبو النجم وشعرى شعرى (١) *
__________________
(١) الرجز لأبى لنجم فى أمالى المرتضى ١ / ٣٥٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٣٩ ، والدرر ١ / ١٨٥ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٦١٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٤٧ ، وشرح المفصل ١ / ٩٨ ، ٩ / ٨٣ ، والمنصف ١ / ١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٠ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٨ / ٣٠٧ ، ٩ / ٤١٢ ، والدرر ٥ / ٧٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٠٣ ، ٢٩٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٢٩ ، ٢ / ٤٣٥ ، ٤٣٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٩.