سنة ست وخمسين وأربعمائة
وفيها ولاية الأمير حيدرة بن منزو
لمّا انصرف أمير الجيوش بدر عن ولاية دمشق هاربا ، ندب لولايتها الأمير حصن الدولة حيدرة بن منزو بن النعمان ، واليا عليها ، ووصل إليها في شهر رمضان من السنة ، وأقام بها ، وأمر ونهى على عادة أمثاله من الولاة لها.
ثم اقتضى الرأي المستنصري صرفه عنها بشهاب الدولة دري المستنصري ، ووصل إليها وتولى الولاية فيها.
وفي هذه السنة عاد محمود بن شبل الدولة بن صالح إلى حلب مضايقا لها ولعطية عمه ، فاستصرخ (١) بالأمير ابن خان التركي ، فأنجده عليه فلما أحس (٢) بوصوله ، رحل عنها منهزما ثم خاف عطية من الأمير ابن خان ، فأمر أحداث حلب بنهب عسكره فنهبوه ، ورحل ابن خان منهزما ، وأنفذ إلى الأمير محمود يعتذر إليه من المساعدة عليه ، وتوجه معه إلى طرابلس ، وعاد معه إلى حلب لحصرها في هذه السنة.
وفيها وصل الأمير شهاب الدولة دري المستنصري إلى دمشق واليا في العشر الأخير من ذي القعدة من السنة ، ثم تجدد الرأي في صرفه ، فانصرف وتوجه إلى الرملة لأن سجل ولايته لها ورد عليه ، وأقام بها آمرا وناهيا إلى أن قتل بها في شهر ربيع الآخر سنة ستين وأربعمائة وأقامت دمشق خالية من الولاة إلى أن وصل إليها أمير الجيوش بدر واليا عليها دفعة ثانية في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.
__________________
(١) أي عطية ، وكان ابن خان أول زعيم تركماني يدخل إلى حلب ويتدخل في أمورها بشكل فعال ، مما نجم عنه أخطر النتائج. انظر كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٢٨ ـ ١٣٠.
(٢) محمود بن نصر.