ودخلت سنة إثنتين وخمسين وخمسمائة
أولها يوم الأربعاء مستهل المحرم ، والطالع برج الدلو اثنتين وعشرين درجة وثماني عشرة دقيقة ، وقد تقدم شرح ما حدث من الزلازل الى أواخر سنة إحدى وخمسين ، ما يغني عن ذكره ، ولما كانت ليلة الأربعاء التاسع عشر من صفر سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ، وافت زلزلة عظيمة عند انبلاج الصباح ، فروعت وأزعجت ، ثم سكنها محركها بلطفه ورأفته بعباده ، ثم تلا ذلك أخرى دونها إلى ليلة الخميس تاليه ، بعد مضي ساعات منها ، ووافت بعدهما أخرى بعد صلاة الجمعة تاليه ، وتواصلت الأخبار من ناحية الشمال بعظم تأثير هذه الزلازل الأول منها والأخر ، في مدينة شيزر وحماة ، وكفر طاب وأفامية ، وما والاها الى مواضع من حلب ، والله تعالى ذكره وعز اسمه أعلم وأرحم لخلقه.
وفي العشر الأخير من صفر ورد كتاب السلطان غياث الدنيا والدين أبي الحارث سنجر بن السلطان العادل أبي الفتح بن السلطان ألب أرسلان ، أعز الله نصره الى الملك العادل نور الدين ، أدام الله أيامه ، بالتشوق إليه والإحماد (١٨٣ ظ) بخلاله ، وما ينتهي إليه من جميع أفعاله ، وإعلامه ما منّ الله عليه به من خلاصه من الشدة التي وقع فيها ، والأسر الذي بلي به في أيدي الأعداء الكفرة من ملوك التركمان ، بحيلة دبرها وسياسة أحكمها وقررها ، بحيث عاد الى منصبه من السلطنة المشهورة ، واجتماع العساكر المتفرقة عنه إليه ، واذعانها بطاعته ، وامتثالها لأوامره وأمثلته ، واحسان وعده لكافة المسلمين بنصره على أحزاب الضلال من الأفرنج الملاعين.
وتواصلت مع ذلك الى نور الدين رسل أرباب الأعمال والمعاقل والولايات ، بالاستعداد للخفوف الى أعداء الله الملاعين ، وغزو من بإزائه من