سنة ثمان وسبعين وأربعمائة
في هذه السنة كان مصاف الحرب بين الملك سليمان بن قتلمش وبين الأمير شرف الدولة مسلم بن قريش في اليوم الرابع والعشرين من صفر على نهر عفرين (١) في موضع يقال له قرزاحل فكسر عسكر شرف الدولة ، وقتل ، ورحل سليمان بعد ذلك في جمعه ونزل على حلب محاصرا لها ومضايقا عليها في مستهل شهر ربيع الأول وأقام منازلا لها مدة ، ولم يتهيأ له ما أراده فيها ، فرحل عنها في الخامس من شهر ربيع الآخر منكفئا إلى بلاده (٢).
__________________
آمد ، وكتب إلى السلطان ملكشاه بخبر ما حصل ، فسارع بالقدوم نحو الموصل ، وقبل وصوله تمكن مسلم من النجاة من آمد بعدما دفع مبلغا كبيرا من المال إلى أرتق ، وفي الموصل سمع ملكشاه بنجاة مسلم ، وعلم بقيام أخيه تكش بثورة ضده في خراسان ، فقرر العودة لتلافي مخاطر الثورة هذه ، لذلك راسل مسلم بن قريش واستقبله وصالحه ، ثم غادر الموصل نحو أصفهان. انظر كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية.
(١) في الأصل «سفين» وهي تصحيف صوابه ما أثبتنا ، انظر مادة عفرين في معجم البلدان. زبدة الحلب : ١ / ٩١. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٠٠.
(٢) في ظهيرة يوم السبت ٢٤ صفر ٤٧٨ ه / ٢١ حزيران ١٠٨٥ اشتبكت قوات سليمان بقوات مسلم فانتصرت عليها ، لأن الشمس كانت في وجوه أصحاب مسلم ، ولأن المرتزقة الغز في جيشه مع رجال القبائل تخلوا عنه ، وتركوه يعاني مصيره ، ولم يصمد معه سوى ستمائة من أحداث حلب ، وحاول مسلم الانسحاب إلى حلب ، وجهد الاحداث في تغطية انسحابه فسقط منهم أربعمائة ، وأخفق مسلم في تأمين طريق للنجاة ، وتلقى ضربة أفقدته حياته ، وحمل سليمان ابن قتلمش جثة مسلم وأتى بهما فطرحها أمام سور حلب ، وكان يأمل بأن تسلم المدينة له ، لكن شيئا من هذا لم يحصل. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٩٩ ـ ٢٠١.