سوار وحسان البعلبكي ، فأوقعوا بهم وقتلوهم عن آخرهم في بلد الشمال ، وأسروا من وقع في أيديهم حيا ، وعادوا الى حلب ظافرين سالمين ، ومعهم الأسرى والرؤوس.
سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
وفي هذه السنة نهض شمس الملوك اسماعيل بن تاج الملوك في عسكره الى شقيف تيرون (١) الذي في الجبل المطلّ على ثغر بيروت وصيدا ، فملكه وانتزعه من يد الضحاك بن جندل التيمي ، المتغلب عليه في يوم الجمعة لست بقين من المحرم منها.
وفي هذه السنة خرج شمس الملوك الى المتصيد ، أواخر شهر ربيع الآخر ، بناحية صيدنايا (٢) وعسال ، فلما كان يوم الثلاثاء التاسع منه ، وقد انفرد من غلمانه وخواصه ، وثب عليه أحد مماليك جده ظهير الدين أتابك ، من الأتراك يعرف بايلبا ، وقد وجد منه خلوة وفرصة بالسيف وضربه ضربة هائلة يريد بها قطع رأسه ، فقضى الله تعالى بالسلامة ، فانقلب السيف في يده ولم يعمل شيئا ، ورمى بنفسه الى الأرض في الحال ، وضربه ثانية فوقعت في عنق الفرس ، فأتلفه ، وحال بينه وبينه الفرس الى أن تكاثر عليه الغلمان ، وتوافوا إليه فانهزم وأنهض في إثره من الخيل من يقفوه ويطلبه ويتوثق منه ، وعاد الى البلد ، وقد اضطرب الأمر فيه عند اشاعة هذه الكائنة ، فسكنت النفوس بسلامته ، وجدّ المنهضون في طلبه من الخيل والغلمان ، والبحث عنه في الجبال والطرقات والمسالك ، الى أن لحقوه ، فجرح جماعة بالنشاب
__________________
(١) قال عنها أبو الفداء في تقويم البلدان : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ : «هي قلعة منيعة ، ناقلة عن البحر ، وهي عن صفد على مسيرة يوم في سمت الشمال»
(٢) ما زالتا تعرفان باسميهما وتتبعان محافظة دمشق ، وتبعد صيدنايا عن دمشق / ٢٨ كم / وتعرف عسال الآن باسم عسال الورد وتبعد عن دمشق ١٢٥ كم.