سنة خمس وخمسمائة
و [فيها] استحكمت المودة بين ظهير الدين أتابك ، وبين الأمير مودود.
وفي هذه السنة جمع بغدوين الملك من أمكنه جمعه من الأفرنج ، وقصد ثغر صور ، فبادر عز الملك واليه وأهل البلد بمراسلة ظهير الدين أتابك بدمشق يستصرخون به ويستنجدونه ، ويبذلون تسليم البلد إليه ، ويسألونه المبادرة والتعجيل بإنفاذ عدة وافرة من الأتراك تصل اليهم سرعة لمعونتهم وتقويتهم ، وإن تأخرت المعونة عنهم قادتهم الضرورة الى تسليمه إلى الأفرنج ، ليأسهم من نصرة الأفضل صاحب أمر مصر ، فبادر أتابك بانفاذ جماعة وافرة من الأتراك بالعدد الكاملة تزيد على المائتين فرسانا رماة أبطالا ، فوصلت إليهم ، وأتت أهل صور رجالة كثيرة من صور وجبل عاملة رغبوا في ذلك مع رجالة من دمشق ، وصلوا إليهم ، وحصلوا عندهم ، وشرع أتابك في إنفاذه عدة أخرى ، فحين عرف بغدوين ما تقرر بين أتابك وأهل صور ، بادر النزول عليها فيمن جمعه وحشده في اليوم الخامس وعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة ، وتقدم بقطع الشجر والنخل ، وبنى بيوت الإقامة عليها ، وزحف إليها ، فقاتلها عدة دفعات ، ويعود خاسرا لم ينل منها غرضا ، وقيل إن أهل صور رشقوا في بعض أيام مقاتلتها في يوم واحد بعشرين ألف سهم.
وخرج ظهير الدين من دمشق حين عرف نزولهم على صور ، وخيم ببانياس وبث سراياه ورجالة الحرامية في أعمال الافرنج ، وأطلق لهم النهب والقتل والسلب والإخراب والحرق طلبا لإزعاجهم وترحيلهم عنها ، فتدخل العدة الثانية إلى صور ، فلم يتمكن من الدخول ، ونهض ظهير الدين الى الحبيس (١) الذي
__________________
(١) كذا في الأصل ، وفي مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٥٠٥ ه ـ «الجيش ، وفي الكامل لابن الأثير : ٨ / ٢٨٤ ، في أخبار سنة / ٥١٢ ه / أخذ الفرنج حصنا من أعمال طغتكين «يعرف بالحبس ، ويعرف بحصن جلدك ، سلمه اليهم المستحفظ به ، وقصدوا أذرعات» وهذا يفيد وجود هذا الحصن قرب درعا ، ومفيد هنا الاشارة الى القسم القديم من درعا ، وهو أشبه بالقلعة يدعوه السكان هناك «الكرك» أي الحصن ..