سنة إحدى وخمسمائة
فيها جمع ملك الأفرنج بغدوين حزبه المفلول ، وعسكره المخذول ، وقصد ثغر صور ، ونزل بإزائه ، وشرع في عمارة حصن بظاهرها على تل المعشوقة ، وأقام شهرا ، وصانعه واليه على سبعة آلاف دينار ، فقبضها منه ورحل عنه.
وفيها وردت الأخبار بوصول عسكر السلطان غياث الدنيا والدين محمد إلى بغداد في آخر (٨٦ ظ) شهر ربيع الآخر منها ، وأعلن الأمير سيف الدولة صدقة بن مزيد العصيان عليه ، خوفا لما بلغه من إفساد شحنة بغداد ، (وعميدها حاله معه ، ولم يزل السلطان مقيما ببغداد (١)) الى العشرين من رجب فاجتمع اليه تقدير ثلاثين ألف فارس ، واجتمع مع صدقة تقدير عشرين ألفا في الحلة ، وبينهما أنهار ومواحل في الحلة ، فآثر السلطان مراسلته في تقرير أمره ، والصفح [عنه](٢) وايقاع مهادنة وموادعة تستقيم معها الأحوال ، وتصلح بها الأعمال ، فأبى ذلك كافة الأمراء والمقدمين ، وامتنعوا عن الإهمال لأمره ، ونهضوا إليه ، فلما عرف الحال قطع الأنهار ، ووصل في جمعه حتى صار بإزائهم ، وحمل بعض الفريقين على بعض ، ونشبت الحرب بينهم ، وكان منزل صدقة بن مزيد كثير الوحل عسر المجال ، فترجل الأتراك عن خيلهم ، [وجثوا على ركبهم](٣) وحبوا عليها ، وأطلقوا السهام ، وشهروا الصفاح ، وشرعوا الرماح ، وفعل مثل ذلك أصحاب صدقة ، والتقى الجيشان ، ونظر صدقة إلى أصحابه والسهام قد شكت خيولهم ، وقد أشرفوا على الهلاك ، وظن الأتراك أنهم قد انهزموا ، فركبوا أكتافهم رشقا بالسهام ، وضربا بالسيوف ، وطعنا بالرماح ، فقتلوا منهم
__________________
(١) سقط بالأصل استدرك من مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٥٠١ ـ حيث الرواية عن ابن القلانسي.
(٢) زيادة من مرآة الزمان.
(٣) زيد ما بين الحاصرتين من مرآة الزمان.