سنة ثلاثين وخمسمائة
في المحرم منها وردت الأخبار من ناحية العراق ، بقتل الأمير دبيس بن صدقة بن مزيد ، قتله السلطان مسعود بن محمد ، لأمور أنكرها ، وأسباب
__________________
جرى عليه ما جرى ، ولو أقام بمكة والمدينة ما اختلف عليه اثنان ، وكان تابعه جميع الناس ، فقال له الخليفة : ما تقول يا كاتب؟ فقلت : يا مولانا الصواب المقام ، وما رآه الوزير فهو الرأي ، فلا يقدم علينا بالعراق أحد ، وليت بقي لنا العراق ، فقال لصاحب المخزن : يا وكيل ما تقول؟ قال : في نفسي ما في نفس مولانا ـ وكان هو قد حمله على الخروج ـ فقال المسترشد :
وإذا لم يكن من الموت بد |
|
فمن الغبن أن تموت جبانا |
... قال مؤيد الدين : لما قتل المسترشد جاء السلطان مسعود ونفذ أحضرنا عنده ، فحضر الوزير شرف الدين ، وجمال الدين صاحب المخزن ، وأنا ، فلما حضرنا عنده ، قال : ما الرأي وما التدبير في أمر الخلافة ، من ترون؟ فقال الوزير : يا مولانا الخلافة لولي العهد ، وقد بايعه الناس ، وجلس واستقر ، وقد بويع له بولاية العهد ، والآن بعد قتل أبيه ، فقال : ما الى هذا سبيل أبدا ولا أقره عليها فإنه يحدث نفسه بالخروج مثل أبيه ، ونحن كل يوم من حيث ولي المسترشد لم يزل يخرج علينا وكان خرج على أخي محمود مرتين ، وعلي مرة ، وهذه أخرى ثم تم عليه ما تم ، وبقيت علينا شناعة عظيمة وسبة الى آخر الدهر ، ويقولون : قتلوا الخليفة ، وهم كانوا السبب في عود الخلافة الى هذا البيت ، لا أريد يجلس الا من لا يداخل نفسه في غير أمور الدين ، ولا يتخذ ولا يجمع ولا يخرج علي ولا على أهل بيتي ، وفي الدار جماعة ، فاعتمدوا على شيخ منهم ، صاحب عقل ورأي وتدبير ، ويلزم نفسه ما يجب من طاعتنا ، ولا يخرج من داره ، ولا تعرجوا عن هارون بن المقتدي ، فهو شيخ كبير ، ولا يرى الفتنة ، وقد أشار به عمي سنجر ، وكان في الدار في ذلك الوقت سبعة أخوة من أولاد المقتدي ، ولهم أولاد وأولاد أولاد ... ومن أولاد المستظهر سبعة أخوة ... وكان للمسترشد أولاد جماعة وللراشد ، وله مقدار نيف وعشرين ولدا ...
وقال المؤرخ أيضا : قيل ونفذ السلطان مسعود الى عمه سنجر ، يأخذ اذنه فيمن يولى ، فنفذ اليه يقول : لا تول إلا من يقع عليه رأي الوزير ، وصاحب المخزن ، وابن الأنباري ، فاجتمع السلطان بهم ، وشاورهم ، وأشار بهرون ،