وفي يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة عاد الملك العادل نور الدين الى دمشق من حلب ، وقد كان ورد الخبر قبل ذلك بأن الأمير قرا أرسلان بن داود بن سكمان بن أرتق (١) ورد على الملك العادل نور الدين ، وهو بأعمال حلب ، فبالغ في الإكرام له ، والسرور بمقدمه ، ولاطفه وألطفه بما جل قدره ، وعظم أمره من التحف والعطاء ، ثم عاد عنه الى عمله ، مسرورا شاكرا.
وورد الخبر أيضا في شهر رمضان سنة خمسين بأن الملك العادل نور الدين نزل في عسكره بالأعمال المختصة بالملك قلج أرسلان بن الملك مسعود بن سليمان بن قتلمش ملك قونية ، وما والاها ، فملك عدة من قلاعها وحصونها بالسيف والأمان ، وكان الملك قلج أرسلان وأخواه ذو النون ودولات مشتغلين بمحاربة أولاد الدانشمند ، واتفق أن أولاد الملك مسعود رزقوا النصر على أولاد الدانشمند والاظهار على عسكره في وقعة كانت على موضع يعرف بأقصرا في شعبان سنة خمسين وخمسمائة ، فلما عاد قلج أرسلان ، وعرف ما كان من العادل نور الدين في بلاده ، عظم عليه هذا الأمر ، واستبشعه مع ما بينهما من الموادعة والمهادنة والصهر ، وراسله بالمعاتبة والإنكار عليه ، والوعيد والتهديد ، وأجابه بحسن الاعتذار وجميل المقال ، وبقي الأمر بينهما مستمرا على هذه الحال.
ودخلت سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
وأولها يوم الجمعة مستهل المحرم ، والطالع الدلو خمس عشرة درجة ، وست عشرة دقيقة [وبعد](٢) وصول الحجاج يوم الجمعة السادس من
__________________
(١) في الأصل : «فلما عرف وعاد ما كان» ، وفي العبارة بتر وتقديم وتأخير تم تقويم ذلك من الروضتين : ١٠٠١ حيث الرواية عن ابن القلانسي.
(٢) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.