صفر من السنة توجه الملك العادل نور الدين الى ناحية حلب ، في بعض عسكره في يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من صفر من السنة ، عند انتهاء خبر الأفرنج إليه بعيثهم في أعمال حلب ، وافسادهم ، وصادفه في طريقة المبشر بظفر عسكره في حلب بالأفرنج المفسدين على حارم ، وقتلهم جماعة منهم وأسرهم ، ووصل مع المبشر عدة وافرة من رؤوس الأفرنج المذكورين ، وطيف بها في دمشق.
وفي يوم الثلاثاء الثالث من شهر ربيع الأول من السنة توفي الشيخ الفقيه الزاهد أبو البيان نبا بن محمد المعروف بابن الحوراني رحمهالله وكان حسن الطريقة مذ نشأ (١٨٠ و) صيّتا الى أن قضى ، مدينا ثقة عفيفا ، محبا للعلم والأدب ، والمطالعة للغة العرب ، وكان له عند خروج سريره لقبره في مقابر الباب الصغير المجاورة لقبور الصحابة من الشهداء رضياللهعنهم ، يوم مشهود من كثرة المتأسفين له والمتأسفين عليه (١).
وورد الخبر من ناحية حلب بوفاة الشريف السيد بهاء الدين أبي الحسن الهادي بن المهدي بن محمد الحسيني الموسوي ، رحمهالله ، في اليوم السابع عشر من رجب سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، وكان حسن الصورة فصيح اللسان بالعربية والفارسية ، جميل الأخلاق والخلال ، مشكور الأفعال ، كريم النفس ، مليح الحديث ، واسع الصدر ، مكين المحل من الملك العادل نور الدين ، ركن الاسلام والمسلمين ، سلطان الشام أدام الله علاه ، وناله من الحزن لفقده والتأسف عليه ما يقتضيه مكانه المكين عنده ، ونظم فيه هذه
__________________
(١) ذكره سبط ابن الجوزي في وفيات سنة ـ ٥٥١ ه ـ ونقل ما أورده ابن القلانسي وزاد عليه : «وحكى لي بعض مشايخي بدمشق أن أبا البيان ، دخل يوما من الساعات الى جامع دمشق ، فنظر الى أقوام في الحائط الشمالي ، وهم يثلبون أعراض الناس ، فاستقبل القبلة ، ورفع يديه وقال : اللهم كما أنسيتهم ذكرك فأنسهم ذكري». مرآة الزمان : ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.