ولاية قسام التراب لدمشق بعد الحاجب ألفتكين المقدم ذكره
والسبب في غلبته على الأمر في سنة ثمان وستين وثلاثمائة وما آل أمره إليه
السبب في غلبة قسّام على ولاية دمشق أن ألفتكين المعزي المذكور كان قد استخدمه وقدمه واعتمد عليه وسكن في كثير من أمره إليه ، فصار له بذلك صيت يخشى به ويرجى له ، واتفق خلو البلد من أكابر الولاة بعد ألفتكين وفراغه من شجعان الرجال ، وكان فيه المعروف بحميدان قد وليه (١) ، وأمر فيه ونهى وأخذ وأعطى ، ففسد الأمر بين قسّام وبين حميدان ، فصار حميدان من تحت حكم قسّام لقهره له بكثرة من معه من الأحداث واستيلائه على البلد ، فطرده قسّام عن الولاية ونهب أصحابه ما كان في داره ، وخرج هاربا ، فتمكن قسّام من البلد ، واستقامت حاله فيه واجتمعت إليه الرجال ، وكثر ما في يده وقويت شوكته وتضاعفت عدته وعدته ، وولي القائد أبو محمود البلد بعد حميدان في نفر يسير وهو ضميمة لقسّام ، واتفقت النوبة الحادثة ببغداد بين الديلم والعرب من بني حمدان ، وهروب أبي تغلب الغضنفر بن حمدان في البرية والجبال إلى أن خرج الى حوران ، فقصد دمشق ونزل عليها فمنع قسّام من دخول أحد من رجاله إليها ، ووصل كتاب العزيز بالمنع له من البلد ، فسأل أبو تغلب عامل الخراج بدمشق أن يمكن أصحابه من ابتياع ما يحتاجون إليه من الأسواق ، فكلم العامل قسّاما في ذلك فأذن له فيه ، ودخل أصحابه (١٨ ظ) البلد وقد كان طمع أن يوليه العزيز ، وكان قسّام قد خاف من ذلك وسعى قوم بينهما ، وكان أبو تغلب نازلا بالمزة (٢) ،
__________________
(١) ذكر المقريزي في اتعاظ الحنفا : ١ / ٢٤٩ أن العزيز الفاطمي أنفذ قبل عودته من الرملة إلى مصر «واليا من العرب يقال له حميدان بن جواس العقيلي في نحو مائتي رجل».
(٢) أنظر تجارب الأمم لمسكوية : ٢ / ٣٨٣ ـ ٣٩٢.