سنة عشرين وخمسمائة
في هذه السنة ورد الخبر من ناحية الموصل باستشهاد الأمير الاصفهسلار سيف الدين آق سنقر البرسقي صاحبها ، بيد الباطنية رحمهالله ، في مسجد الجامع بها في ذي القعدة منها ، وكان الذي وثب عليه جماعة ، قد رتبت لمراصدته ، وطلب غرته حتى حان الحين ، ونفذ الأجل ، وقد كان على غاية من التيقظ لهم والتحفظ منهم بالاستكثار من السلاحية والجاندارية والسلاح الشاك ، لكن القضاء النازل لا يدافع ، والقدر النافذ لا يمانع ، وعليه مع هذا من (١١٧ و) لباس الحديد ما لا تعمل فيه مواضي السيوف ، ومرهفات الخناجر ، وحوله من الغلمان الأتراك والديلم والخراسانية بأنواع السلاح عدد ، فلما حصل بالجامع على عادته ، لقضاء فريضة الجمعة ، والنفل على رسمه ، وصادف هذه الجماعة الخبيثة في زي الصوفية ، يصلون في جنب المشهد ، لم يؤبه لهم ، ولا ارتيب بهم ، فلما بدأ بالصلاة ، وثبوا عليه بسكاكينهم ، فضربوه عدة ضربات لم تؤثر في لبس الحديد الذي عليه ، وقد غفل أصحابه عنه ، وانتضى سيفا كان معه وضرب أحدهم فقتله ، وصاح واحد منهم حين رأوا السكاكين لا تعمل فيه شيئا : ويلكم اطلبوا رأسه وأعلاه ، وقصدوا حلقه بضرباتهم فأثخنوه ، إلى حين أدركه أصحابه وحماته ، فقضي عليه ، وقتل شهيدا ، وقتلوا جميع من كان وثب عليه.
وقد كان هذا الأمير رحمهالله سديد الطريقة ، جميل الأفعال. حميد الخلال ، مؤثرا للعدل ، والانصاف ، كثير التدين محمود المقاصد محبا للخير وأهله ، مكرما للفقهاء والصالحين ، فحزن الناس عليه ، وأسفوا لفقده على هذه الحال ، ولما عرف ظهير الدين أتابك هذا ، قلق له وضاق صدره لسماعه ، وقام في الأمر بعده ولده الأمير مسعود ، وهو مشهور بالنجابة والذكاء ، معروف بالشهامة والعناء ، فاجتمع إليه خواص أبيه ووزيره وكتابه وسلك