الرعية ، وأغفل إلى أن وجدت الفرصة فيه مستهلة ، والغرة منه بادية ، وحصل في جانب من الميدان خاليا من العدة والعدة والأعوان ، والنجدة ، لا يشعر بما قد رتب له ، ودبر عليه ، فوثبوا عليه ، وقتلوه رحمهالله ، وانفرد به ، وأدركه أصحابه ، وقد قضى ، فقتلوا الجناة ، وحملوه إلى تربته فدفنوه بها (١).
سنة خمس وعشرين وخمسمائة
في هذه السنة انتهى الى تاج الملوك ، عن الرئيس المقلد أمر الوزارة محال غيّر قلبه عليه ، وقدح في منزلته ، وأفسد ما كان جميلا فيه من رأيه ، وأمر باعتقاله مع بعض أقاربه اعتقالا جميلا ، وعزله عن الوزارة والرئاسة ،
__________________
(١) دفن بتربة أمير الجيوش بدر الجمالي ، وكانت مدة تحكمه سنة وشهران وثلاثة عشر يوما ، عادى الاسماعيلية ، حيث كان اماميا ، أزال من الأذان «حي على خير العمل ، محمد وعلي خير البشر» وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة ، واخترع لنفسه دعاء يدعى به على المنابر وهو : السيد الأجل الأفضل ، سيد ممالك أرباب الدول ، المحامي عن حوزة الدين ، وناشر جناح العدل على المسلمين ، الأقربين والأبعدين ، ناصر إمام الحق في حالي غيبته وحضوره ، والقائم في نصرته بماضي سيفه ، وصائب رأيه وتدبيره ، أمين الله على عباده وهادي القضاة الى اتباع شرع الحق واعتماده ، ومرشد دعاته المؤمنين الى واضح بيانه وارشاده ، مولي النعم ، رافع الجور عن الأمم ، مالك فضيلتي السيف والقلم ، أبو علي أحمد بن السيد الأجل الأفضل ، أبي القاسم شاهنشاه أمير الجيوش. تآمر عليه بعض الجند بقيادة أحد ضباط القصر واسمه يانس ، وقد خرج في أحد الأيام «ليعرق فرسا في الميدان في البستان الكبير ، خارج باب الفتوح من القاهرة ، وللعب بالكرة على عادته ، فجاء وهو هناك عشرة من صبيان الخاص الذين تحالفوا على قتله حتى ظفروا به جميعا أو فرادى ، فصاح أبو علي : من يسابق؟ فقال العشرة عليك ، وحملوا عليه وطنوه حتى قتل» وبعد هذا تجمع المتآمرون «فأخرجوا الحافظ من الخزانة التي كان معتقلا بها ، وفكوا عنه القيد ، وأجلسوه في الشباك على منصة الخلافة» وأخذوا له على «أنه ولي عهد كفيل لمن لم يذكر اسمه». وفور ذلك خلع الخليفة على يانس خلع الوزارة. اتعاظ الحنفا : ١٤٣ ـ ١٤٤.