سنة إثنين وأربعين وخمسمائة
في صفر منها عاد الحاجب محمود الكاتب من بغداد ، بجواب ما صدر على يده من المكاتبات المعينة ، ومعه رسولا للخليفة والسلطان وعلى أيديهما التشريف برسم ظهير الدين ومعينه ، ولبساه وظهرا فيه في يوم السبت الثامن عشر من ربيع الآخر ، وأقاما أياما ، وعادا بجواب ما وصل معهما.
وورد الخبر عقيب ذلك من بغداد بأن السلطان كان قد توجه منها بعد قتل الأمير عباس ، في العسكر الى ناحية همذان ، عند انتهاء الأخبار إليه بأن الأمير [ابن] عباس ، وعسكره قد انضاف إلى الأمير بوزبه ، وصارا يدا واحدة ، في خلق عظيم ، وقصدا ناحية أصفهان ، ونزلا عليها وضايقاها الى أن أسلمت الى بوزبه بأسباب اقتضت ذلك ، ولما حصل السلطان بظاهر همذان تواصلت العساكر من كل جهة إليه ، وصار في خلق كثير.
ووردت الأخبار إلى بغداد بأن السلطان لما كثف جمعه ، وقويت نفسه ، وقصد المذكورين ، وقصدوه ، وترتب المصاف بينهم ، والتقى المصافان ، ومنح الله السلطان النصر عليهم ، وكسرهم ، وقتل بوزبه وابن عباس ، واستولى عسكر السلطان على الفل والسواد. وحكى الحاكي المشاهدة لهذه الوقعة في كتابه بشرحها ، ما ذكر فيه أن مبدأ الفتح أن السلطان كان في مخيمه بباب همذان في تقدير ثلاثة آلاف فارس ، وبوزبه في عسكره على باب أصفهان في خلق عظيم ، وأن بوزبه لما عرف ذلك طمع فيه ونهض في عسكره إليه وقطع مسافة ثلاثين فرسخا في يوم وليلة ووصل إلى قراتكين (١) وقد كلّت الخيل ونزل هناك ، فلما عرف السلطان ذلك التجأ إلى بساتين همذان ، وجعلها
__________________
(١) في الأصل مكر بايكان وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا ، وهو موقع على مرحلة من همذان ، انظر راحة الصدور : ٣٤٨ ـ ٣٥٠. تاريخ دولة آل سلجوق : ٢٠٠ ـ ٢٠١. الكامل : ٩ / ١٦.