وأنسه ، ثم إنه أفاق من مرضه هذا وعاوده نشاطه بعد الكسل والفتور وعاد إلى الغرض المأثور ، وكان قد أنكر على وزيره شمس الملوك خواجه برزك أمورا ، دعته إلى الأمر بالقبض عليه ، وتسليمه إلى حاجبه فقتله ، وقيل إنه شرب الخمر في قحف رأسه.
وفي شعبان من هذه السنة قصد بغدوين ملك الافرنج ، صاحب بيت المقدس ، في عسكره وادي موسى ، فنهب أهله وسباهم وشرد بهم ، وعاد عنهم.
وفي جمادى الآخرة منها ورد الخبر بأن الأمير ختلغ ابه السلطاني ولي مدينة حلب ، وحصل في قلعتها بطالع اختير له ، ولم يقم إلا القليل حتى فسد أمره واضطرب حاله ، ووقع بينه وبين أحداث الحلبيين ، فحصروه في القلعة إلى أن وصل الى حلب عسكر الأمير عماد الدين أتابك فتسلمه من القلعة ، واعتقل واستؤذن في أمره ، فأذن في سمل عينيه ، فسملتا.
سنة إثنتين وعشرين وخمسمائة
في هذه السنة اشتد المرض بظهير الدين أتابك ، وطال به طولا أنهك قوته ، وأنحل جسمه ، وأضعف منته ، وأشفى منه على نزول ما لا يدفع بحيلة ، ولا يمنع بقوة ، فأحضر ولده الأمير تاج الملوك ، وأمراء دولته وخواصه ، وأهل ثقته ، وأعيان عسكريته ، وأعلمهم بأنه قد أحس من نفسه بانقطاع الأجل ، وفراغ المهل ، وخيبة الرجاء من البقاء والأمل ، «ولم يبق غير الوصية بما يعمل عليه ، ويدبر به الأمر بعدي ، وينتهي إليه ، وهذا ولدي تاج الملوك بوري ، هو أكبر ولدي والمترشح للانتصاب مكاني من بعدي ، والمأمول لسد ثلمة فقدي ، ولا أشك في (١١٩ ظ) سداد طريقته وإيثاره لفعل الخير ومحبته ، وأن يكون مقتفيا لآثاري في حفظ قلوب الأمراء والعسكرية ، وعاملا على مثالي في إنصاف الأعيان والرعية ، فان قبل وصيتي