ولاية القائد ختكين الداعي
المعروف بالضيف في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة
وصل القائد ختكين الداعي المعروف بالضيف إلى دمشق واليا عليها من قبل الحاكم بأمر الله في شهر رمضان من السنة ، فدبر أمورها ونظر في أحوال أجنادها ، واقتضى رأيه أن ينقص واجبات الأجناد ويدافع بأعطياتهم ، ويغالطهم ويظهر أمرا من التوفير فلم يتمكن (٣٩ ظ) من بلوغ مرام ، ولا نيل أمل ، واتفق أن يكون القائد علي بن فلاح المقدم ذكره مقيما في عسكره في الشماسية بظاهر دمشق ، فلما طلبت الأجناد أرزاقها منه ، قال لهم : ليس إليّ من أمر أرزاقكم شيء ، فكان على تدبير المال واطلاق الأرزاق رجل من الكتاب نصراني يقال له ابن عبدون ، فشغب الجند في العسكر ، فثاروا يريدون ابن عبدون ، فلحقوا ختكين الوالي في الطريق فنهاهم عن ابن عبدون وشتمهم ، وكان رجلا جاهلا أحمق ، فرجع إليه قوم من الجند فسألوه فلم يجب إلى ما يوافق أغراضهم ويسكن شغبهم ، فثارت الفرسان والرجالة الى دور الكتاب فانتهبوا ما كان فيها ، ونهبوا ما كان في الكنائس ، واجتمع بعد ذلك جماعة من المشارقة والمغاربة فتحالفوا على أن يكونوا يدا واحدة في طلب الأرزاق والمنع ممّن عساه يطالبهم بما فعلوه ، وحلف لهم القائد علي بن فلاح على كونه معهم وشده منهم ، وانتهى الأمر في ذلك إلى الحاكم فقال : هذا قد عصى وخرج عن مشكور السياسة ، وأمر بصرفه عن الولاية والاستبدال به ، وكتب إليه بذلك ، فرحل عنها بنفر يسير من أصحابه في شوال من السنة المذكورة ، وبقي العسكر في دمشق ، فاقتضى الرأي الحاكمي ردّ ولاية دمشق إلى رجل أسود بربري يقال له القائد طزملت بن بكار.