وفيها توفي الإمام أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن الحنبلي رحمهالله ، في يوم الأحد الثامن والعشرين من ذي الحجة بدمشق ، وكان وافر العلم متين الدين حسن الوعظ ، محمود السمت (١).
سنة سبع وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة ورد الخبر من العراق بوفاة الخليفة الإمام المقتدي بأمر الله ، أبي القاسم عبد الله بن الذخيرة بن القائم بأمر الله ، أمير المؤمنين ، فجأة في ليلة السبت انتصاف المحرم ، وعمره ثمان وثلاثون سنة وتسعة أشهر وأيام ، مولده ليلة الأربعاء الثاني ، ويقال الثامن من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وكانت مدة خلافته تسع عشرة (٢) سنة ، وخمسة أشهر ، وكان حسن السيرة ، جميل السريرة ، وولي الأمر بعده وليّ عهده ولده أبو العباس أحمد المستظهر بالله أمير المؤمنين بن المقتدي بالله أمير المؤمنين ، وبويع له بالخلافة بعد أبيه في يوم الثلاثاء الثامن عشر من المحرم من السنة ، واستقام له الأمر ، وانتظمت بتدبيره الأحوال على قبض السداد ، وكنه المراد ، وعند ذلك قبض على أخوته واعتقلهم عنده ، وكان السلطان بركيارق عند وفاة المقتدي بالله رحمهالله مقيما ببغداد ، وبقي فيها مقيما إلى آخر السنة.
وفي شهر ربيع الآخر منها برز السلطان تاج الدولة من دمشق في العسكر ، وتوجه إلى الشام ، وقطع العاصي في شهر ربيع الآخر (٦٩ و) ، وتقدم إلى العسكرية برعي الزراعات ، ونهب المواشي والعوامل ، ولما اتصل الخبر بذاك
__________________
(١) ترجم له سبط ابن الجوزي في وفيات سنة / ٤٨٦ / وقال أنه هو الذي نشر المذهب الحنبلي في دمشق ، ودفن بالباب الصغير.
(٢) يمكن الربط بين حوادث وفاة كل من نظام الملك ، وملكشاه ، والخليفة المقتدي ، وذلك على أرضية الصراعات بين هؤلاء الأقطاب. انظر مدخل إلى تاريخ الصليبية : ٢٢٠ ـ ٢٢١.