وفي هذه السنة تنكر شرف الدولة على وزيره أبي العز بن صدقة (٦٤ ظ) لأسباب أنكرها منه ، وأحوال بلغته عنه ، فقبض عليه واعتقله ، وأقام أياما ، وقرر أمره وأطلقه وطيّب نفسه.
سنة سبع وسبعين وأربعمائة
في هذه السنة شرع سليمان بن قتلش (١) في العمل على مدينة أنطاكية ، والتدبير لأمرها والاجتهاد في أخذها والتملّك لها ولم يزل على هذه القضية إلى أن تم له ما أراده فيها ، وملكها سرقة في يوم الأحد العاشر من شعبان ، ورتّب أمرها بمن اعتمد عليه في حفظها من ثقات ولاته (٢).
__________________
السيف أصدق أنباء من الكتب .........
فتقدم إلى العرب بالدخول إلى الفتحة ، فما منهم من أقدم ، فجمع عبيده وخواصه وهجمها ، وتبعته العرب حينئذ ، فدخل البلد ، وصعد ولد ايتكين السليماني ، ونزل من السور ، وفتح الباب فأقطعه قرقيسياء ، ثم طلب القاضي فوجد في كندوج فيه قطن ، فأخذ وولداه ، فقبض على أعيان أهل حران ، ونهب البلد إلى آخر النهار ، ثم رفع النهب وصلب القاضي وولديه ، وأعيان الحرانيين على السور ، وقتل خلقا من العوام ، وعاد إلى منازله بأرض الموصل.
(١) مؤسس دولة سلاجقة الروم ، كان أبوه قتلمش بن أرسلان بن سلجوق من أبناء عم طغرلبك أول سلاطين الدولة السلجوقية ، نشط سليمان لحسابه الخاص في آسية الصغرى ، فتمكن من احتلال «نيقية ، وهي بلد بالساحل تضاهي أنطاكية ، ـ كما استولى على ـ جميع ما يليها من طرسوس وأذنه ، ومصيصة وعين زربة» أي مناطق الثغور الاسلامية البيزنطية التي كانت بيزنطة قد انتزعتها في منتصف القرن العاشر من امارة حلب ، وبعد هذا توجه سليمان بأنظاره نحو أنطاكية التي كانت أيضا قد انتزعتها بيزنطة من إمارة حلب في نفس الفترة. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٣٩ ، ٦٢ ، ١٠٧ ـ ١١٠ ، ١٩٦ ـ ١٩٨.
(٢) يقدم لنا ابن العديم رواية مفصلة حول احتلال سليمان لأنطاكية جاء فيها : «وفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة [١٠٨٤ م] شرع سليمان بن قتلمش في العمل على أنطاكية والاجتهاد في أخذها إلى أن تم له ما أراد ، فأسرى من نيقية في عسكره وعبر الدروب ، وأوهم أن الفلاردوس (الحاكم البيزنطي لأنطاكية).