وفي شهر ربيع الأول من السنة ، كانت وقعة بين عسكر شرف الدولة ، وعسكر الأتراك بأرض آمد من ديار بكر ، واستظهر الأتراك على عسكر شرف الدولة فهزموه.
وفي رجب منها توجه شرف الدولة مسلم بن قريش إلى دركاه السلطان العادل ملك شاه بن ألب أرسلان ودخل عليه ووطئ بساطه ، فأكرمه واحترمه ، وخلع عليه وقرر أمره على ما يهوى من إصلاح أحواله ، والإقرار على أعماله ، وإزالة ما كان يخشاه ، وعاد مسرورا بما لقي ، ومحبورا بنيل مبتغاه (١).
__________________
استدعاه ، وأسرع السير إلى أن وصل أنطاكية ليلا ، فقتل أهل ضيعة تعرف بالعمرانية جميعهم لئلا ينذروا به ، وعلقوا حبالا في شرفات السور بالرماح ، وطلعوا مما يلي باب فارس ، وحين صار منهم على السور جماعة نزلوا إلى باب فارس وفتحوه ، ودخل هو وعسكره من الباب وأغلقوه ، وكانوا مائتين وثمانين رجلا .... ولم يشعر بهم أهل البلد إلى الصباح ، وصاح الأتراك صيحة واحدة ، فتوهم أهل أنطاكية أن عسكر الفلاردوس قد قاتلوهم فانهزموا ، وعلموا أن البلد قد هجم ، فبعضهم هرب إلى القلعة ، وبعضهم رمي بنفسه من السور فنجا» ، وبعد أن أصبح سليمان سيد مدينة أنطاكية توارد إليه التركمان ، فحاصر قلعة أنطاكية قرابة شهر ففتحها ، واتخذ سليمان أنطاكية مقرا له «وفتح الحصون المجاورة لها بعضها عن طوع ، وبعضها عن استدراج» ثم أخذ يتطلع نحو مدينة حلب للاستيلاء عليها. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٩٨ ـ ١٩٩
(١) في سنة ٤٧٦ ه / ١٠٨٣ م فوض ملكشاه إلى الوزير فخر الدولة ابن جهير قيادة جيش سلجوقي نحو الجزيرة ، جعل على رأسه آق سنقر قسيم الدولة ـ الذي كان أول حاكم سلجوقي لحلب ـ ثم أردفه بجيش آخر بقيادة أرتق ، وفي محاولة للتصدي لهذه الحملة تحالف مسلم بن قريش مع الدولة المروانية لميافارقين ، وعسكر قرب آمد ، وتراسل مسلم بن قريش مع ابن جهير لتجنب القتال ، ولم يرض هذا التركمان وقالوا : «نحن جئنا من البلاد البعيدة لطلب النهب ، .... وركبوا نصف الليل .. وأشرفوا .. على العرب ، وكانوا أضعاف الغزّ فأخذوهم باليد من غير طعن ولا ضرب» وهرب مسلم إلى آمد ، وكسب التركمان ما لا يحصى من الغنائم ، وقام ابن جهير بمحاصرة مسلم في