وفي هذه السنة خرج من مصر عسكر كثيف مع الأمير سعد الدولة المعروف بالعواسي ووصل إلى (٧٦ و) عسقلان لجهاد الأفرنج في أول شهر رمضان ، وأقام بحيث هو إلى ذي الحجة منها ، ورحل عن عسقلان ، ونهض إليه من الأفرنج ألف فارس وعشرة آلاف راجل ، والتقى الفريقان فكسرت ميمنة المسلمين وميسرتهم وتبعوهم ، وبقي سعد الدولة المقدم في نفر يسير من عسكره في القلب ، فحمل الأفرنج عليه ، وطلب الثبات ، فعاجله القضاء ، وكبا به جواده ، وسقط عنه إلى الأرض ، فاستشهد مكانه رحمهالله ، ومضى شهيدا مأجورا ، وعاد المسلمون على الأفرنج ، وتذامروا عليهم ، وبذلوا النفوس في الكرة إليهم ، فهزموهم إلى يافا ، وقتلوا منهم وأسروا ، وغنموا وكانت العقبى الحسنة لهم ، ولم يفقد إلا نفر يسير منهم.
وفيها انكفأ الأمير كربوقا صاحب الموصل والجزيرة عن السلطان بركيارق لمشاهدة أحوال ولايته ، واستعادة المخالفين إلى طاعته ، فلما وصل إلى مراغة عرض له مرض الموت ، واشتد به ، وتوفي هناك ، وسار إلى ربه ،
وفي هذه السنة وصل السلطان بركيارق بن ملك شاه إلى بغداد ، منهزما من أخيه السلطان محمد في آخرها (١).
سنة خمس وتسعين وأربعمائة
وفي هذه السنة وردت الأخبار بما أهل خراسان والعراق والشام عليه ، من الخلاف المستمر والشحناء والحروب والفساد ، وخوف بعضهم من بعض ، لاشتغال الولاة عنهم وعن النظر في أحوالهم بالخلف والمحاربة.
__________________
(١) تحالف محمد مع أخيه سنجر ضد بركيارق ، وقدم الإثنان إلى بغداد ، فهرب منها بركيارق إلى واسط ثم إلى الجبل. مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٤٩٤.