وفي يوم الثلاثاء ، مستهل رجب نزل قسيم الدولة على شيزر وحصرها ونهب ربضها ، وضايقها الى أن تقرر أمرها والموادعة بينه وبين صاحبها (١) ورحل عنها عائدا الى حلب.
سنة إثنتين وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة وردت الأخبار من ناحية الشرق بافتتاح السلطان ملك شاه مدينة سمرقند وأسر ملكها (٢) ، وكانت أخته مع السلطان ملك شاه وله منها ثلاثة أولاد ، فجعل الولاية بها لأحدهم وهو الملك أحمد ، وأمر بالخطبة له على المنابر ، وذكر أن الملك أحمد المذكور توفي في سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، والابنة منهم زوجها للإمام الخليفة المقتدي بأمر الله.
وفيها خرج عسكر مصر منها مع مقدميه ، وقصد الساحل ، وفتح ثغري صور وصيدا ، وكان في صور أولاد القاضي عين الدولة (ابن) أبي عقيل بعد موته ، ولم يكن قوة لهم تدفع ، ولا هيبة تمنع ، فسلموها ، وكذلك صيدا ، وقرروا أمرهما ، ثم رحل العسكر عنهما ونزل على ثغري جبيل وعكا فافتتحهما.
وفيها عمرت منارة الجامع بحلب (٣) ، وفيها نهض قسيم الدولة صاحب حلب في أثر الحرامية قطاع الطريق ، ومخيفي السبيل ، فأوقع بهم واستأصل شأفتهم قتلا وأسرا (٦٦ و) فأمنت السابلة ، واطمأنت السافرة ، وكتب إلى سائر الأطراف والأعمال بتتبع المفسدين ، وحماية المسافرين ، وبالغ في ذلك مبالغة حسن ذكره بها ، وعظمت هيبته بسببها ، وشاع له الصيت باعتمادها ،
__________________
(١) في زبدة الحلب : ٢ / ١٥. : «وجرى خلف بين أهل لطمين وبين نصر بن علي ابن منقذ في سنة احدى وثمانين ، فخرج أق سنقر إلى شيزر ، وقاتلها ، وقتل من أهلها مائة وثلاثين رجلا ، وعاد إلى حلب بعد أن نهب ربضها ، واستقرت الموادعة بينه وبين نصر صاحب شيزر.
(٢) لعله شمس الملوك تكين بن طمغاج الذي سبق لألب أرسلان أن غزاه سنة مقتله. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٩٠.
(٣) انظر مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٠٩.