سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
في هذه السنة وردت الأخبار بظهور متملك الروم كيالياني (١) من القسطنطينية ، في ذي القعدة سنة ثلاثين وقيل ، بل أول المحرم سنة احدى وثلاثين وخمسمائة ووصل الى جزيرة أنطاكية ، وأقام بها الى أن وصلت مراكبه البحرية بالأثقال والميرة والمال والعدد ، في عاشر نيسان ، ونزل على نيقية فملكها ، وقيل بل هادنه عليها أهلها ، ووصل إلى الثغور ، وتسلم أذنه والمصيصة وغيرهما ، وحاصر عين زربة وملكها عنوة ، وقيل في التاريخ إن أمير المؤمنين المأمون بالله بن الرشيد بالله ، كان عمر عين زربة عند الاجتياز بها ، لما ورد الى هذه الجهات ، وأنفق على عمارتها مائة وسبعين ألف دينار ، مع جاه الخلافة والسلطنة والقدرة ، وكان يعمل فيها كل يوم أربعون ألف فاعل ، سوى البنائين والحدادين والنجارين ، وملك تل حمدون وحمل أهله الى جزيرة قبرص ، وكان صاحبه ابن هيثم (٢) الأرمني ، ثم عمر ميناء الاسكندرونة ، ثم خرج الى أنطاكية ، ونزل عليها ، وضايق أهلها في سلخ ذي القعدة ، وجرى بينه وبين صاحبها ريمند بن بيدقين (٣) مصالحة ، ورحل عائدا إلى الدروب ، فافتتح ما بقي في يد ابن ليون الأرمني من الحصون ، وشتى بها.
وفي رجب من السنة نهض الأمير في فريق وافر من العسكر الدمشقي ، من التركمان ، الى ناحية طرابلس ، فظهر إليه قومصها في عسكر ، والتقيا فكسره بزواج ، وقتل منهم جماعة وافرة ، وملك حصن وادي ابن الاحمر (٤) وغيره.
__________________
(١) كذا ، وهذا التعريف فيه بعض البعد عن الأصل «جون ـ أو يوحنا».
(٢) هو «ليو بن رافين» انظر صفحات من تاريخ الأمة الأرمنية ، ١٣٥ ـ ١٣٧.
(٣) هو ريموند ابن كونت بويتو. انظر تاريخ وليم الصوري (بالانكليزية) ٢ / ٥٩.
(٤) لعله الحصن الذي نال اسم «يحمور» فاسمه بالافرنجية الحصن الأحمر. انظر القلاع أيام الحروب الصليبية. ط. دمشق ١٩٨٢ (ترجمه لكتاب فولفغانغ مولر ـ فينر) ص : ٦٤. طرابلس الشام : ١٥١ ـ ١٥٢.