وفي رجب أيضا نهض ابن صلاح والي حماة في رجاله الى (١٤٢ و) حصن الخربة فملكه.
وفي شعبان منها ورد الخبر بأن عماد الدين أتابك بن أق سنقر ، توجه في عسكره من ناحية الموصل ، وقطع الفرات في العشر الأول منه ، ووصل الى حمص ، وكان قد تقدمه إليها صلاح الدين (١) في أوائل العسكر ، ونزلا عليها وضايقاها ، وفيها الأمير معين الدين أنر واليها ، فراسله في تسليمها ، فاحتج عليه بأنها للأمير شهاب الدين ، وأنه نائبه فيها ، فنصب الحرب عليها والمضايقة لها أياما ، ولم يحظ منها بطائل ، فرحل عنها في العشرين من شوال من السنة ونزل على الحصن المعروف ببعرين لينتزعه من أيدي الأفرنج ، فلما عرفوا ذاك تجمعوا ونزلوا قريبا لحمايته ومعونة من فيه منهم ، فحين عرف عماد الدين خبرها كمن لهم كمينا ، والتقى الجمعان ، فانهزم فريق من الأتراك بين أيدي الأفرنج (٢) ، وقتلوا منهم جماعة وافرة عند عودهم إلى منزل مخيمهم ، وظهر عليهم عماد الدين في من كمن لهم من الكمناء ، وأوقع بالرجالة ، وملك الأثقال والسواد ، وحين قربوا من المخيم وشاهدوا ما نزل عليهم ، وحل بهم انخذلوا وفشلوا ، وحمل عليهم عسكر عماد الدين ، فكسرهم ومحقهم قتلا وأسرا ، وحصل لهم من الغنائم الشيء الكثير من الكراع ، والسواد ، والأثاث وعاد عماد الدين إلى حصن بعرين ، وقد انهزم اليه ملكهم كند اياجور (٣) ومن نجا معه من مقدمي الأفرنج ، وهم على غاية من الضعف والخوف ، فنزل عليهم وحصرهم في الحصن المذكور ، ولم يزالوا على هذه الحال في المضايقة والمحاربة الى أن نفذ ما عندهم من القوت ، فأكلوا خيلهم ، وتجمع من بقي من الافرنج في بلادهم ومعاقلهم وانضموا الى ابن جوسلين ، وصاحب أنطاكية واحتشدوا ،
__________________
(١) يريد به صلاح الدين محمد الياغيسياني. انظر كتاب الباهر : ٣٤.
(٢) مع وضوح المعنى يبدو أن هناك سقط بالسياق.
(٣) فولك أوف أنجوFulk of Anjou