شاهد امرأة تحت [واحد من](١) الأتراك يطلب منها الفاحشة ، وهي تصيح وتستغيث وتتمنع أشد التمنع «فجئته وحاولت تخليصها منه فلم يفعل ، فجرحته فتخلى عنها وإذا بها امرأة من وجوه الأشراف ، وأخرجتها الى المخيم الى أن سكنت الفتنة ، وأعدتها سالمة إلى دارها دون كل بنت هتكت ، وأحرزت ثوابها ، وحسن الذكر بين أشراف نصيبين».
سنة ست وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة عاد السلطان تاج الدولة عن نصيبين بعد ما جرى فيها طالبا لابراهيم بن قريش ، فلما عرف خبره ، جمع وحشد واستصرخ واستنجد ، وحصل في خلق عظيم ونزل بهم في المنزل المعروف بشرقي الهرماس ، ونزل السلطان تاج الدولة على دارا (٢) ، فلما كان يوم الاثنين الثاني من شهر ربيع الأول من السنة التقى الجيشان على نهر الهرماس (٣) ، واختلط الفريقان واشتد القتال ، وانكشفت الوقعة عن قتل جماعة من الأتراك والعرب ، وعاد كل فريق منهما إلى مكانه ، فلما استقر بالعرب المنزل ، عاد عسكر تاج الدولة إليهم وهم غارون ، وحمل عليهم وهم غافلون ، فانهزمت العرب ، وأخذهم السيف ، فقتل منهم (٦٧ ظ) العدد الكثير ، والأكثر من الرجالة المقيمين في المخيم ، وقتل الأمير إبراهيم بن قريش وجماعة من الأمراء ، والمقدمين من بني عقيل وغيرهم ، وقيل إن تقدير القتلى من الفريقين عشرة آلاف رجل ، واستولى النهب والسلب والسبي على من وجد في المخيم وامتلأت الأيدي من الغنائم والسواد والمواشي والكراع ، بحيث بيع الجمل بدينار واحد والمائة شاة بدينار واحد ، ولم يشاهد أبشع من هذه الوقعة ، ولا أشنع
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.
(٢) بلد ديار ربيعة ، بينها وبين نصيبين خمسة فراسخ ، ولها قلعة مشرفة ، ويليها بمقدار نصف مرحلة مدينة ماردين. الروض المعطار.
(٣) هو نهر الخابور. الروض المعطار.