واستقام له الأمر ، وحكي عنه حكايات في الظلم والتعجرف والتجبر والجور ، تنكرها النفوس ، وتنفر من سماعها القلوب.
سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
(١٤٦ و) أول هذه السنة يوم الجمعة بالرؤيا ، مستهل المحرم ، وفيه اجتمع الأمير عماد الدين أتابك بالخاتون صفوة الملك والدة الأمير شهاب الدين ، بظاهر حمص ، وقد اجتمع عنده جماعة وافرة من رسل الخليفة والسلطان ومصر والروم ودمشق وغير ذلك.
وفي هذا الشهر غارت الأفرنج على ناحية بانياس ونهض شهاب الدين في العسكر في إثرهم فلم يدركهم وعاد الى البلد.
وفي يوم الثلاثاء الرابع من صفر جاءت في دمشق زلزلة هائلة بعد الظهر ، اهتزت بها الأرض ثلاث مرات ، وتلاها في ليلة الجمعة وقت عشاء الآخرة ثانية اهتزت بها الأرض عدة مرات ، وفي ليلة الاثنين التاسع عشر من صفر عادت الزلزلة في الثلث منها ثلاث مرات ، فتبارك رب هذه القدرة الباهرة ، والآية الظاهرة ، وعادت في ليلة الأربعاء تتلوها في الربع الأخير من ليلة الجمعة ، وتناصرت الأخبار من الثقات السفار ، والواردين من ناحية الشمال بصفة هذه الرجفات المذكورات ، وأنها كانت في حلب ، وما والاها من البلاد والمعاقل والأعمال أشد ما يكون ، بحيث انهدم في حلب الكثير من الدور ، وتشعث السور ، واضطربت جدران القلعة ، وظهر أهل حلب من دورهم الى ظاهره من خوفهم على نفوسهم ، ويقول المكثر من الحاكي أن الزلزلة جاءت تقدير مائة مرة ، وقوم يحققون أنها ثمانون مرة ، والله أعلم بالغيب والصواب ، تبارك الله رب العالمين ، القادر على كل شيء.