وفي يوم السبت السابع عشر من شعبان الموافق للتاسع من نيسان جاء رعد هائل مختلف من عدة جهات ، وبرق زائد ، وجلبات هائلة قبل الظهر ، ثم جاء مع ذلك مطر شديد الوقع ، وبرد هائل ، حكى بعض الثقات أنه وزن واحدة من كبار البرد ، فكان وزنها في ناحية الغوطة والمرج ثمانية دراهم ، وقال آخرون وزنوا واحدة ، فكانت سبعة عشر درهما ، وقتل كثيرا من الطير ، وأتلف كثيرا من الشجر والزرع والثمار.
وفي يوم الأربعاء النصف من شوال ، وردت الأخبار من ناحية مصر ، بالحادثة الكائنة بمصر بين الأجناد (١) بها ، بحيث قتل بينهم من الفريقين الخلق الكثير ، من : الخيالة ، والرجالة.
وعلى مضي ست ساعات من (١٤٦ ظ) نهار يوم الأربعاء ، الحادي والعشرين من شوال ، جاءت رجفة هائلة ، إرتاعت لها القلوب ، ورجفت بها الصدور.
وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من شوال من السنة في غداته ، ظهرت الحادثة المدبرة على الأمير شهاب الدين محمود بن تاج الملوك بن ظهير الدين أتابك ، وقتله في فراشه ، وهو في نومه في ليلة الجمعة المذكورة ، بيد غلمانه الملاعين : البغش الأرمني الذي اصطنعه وقربه اليه واعتمد في أشغاله عليه ، ويوسف الخادم الذي وثق به في نومه لديه ، والخركاوي الفراش الراقد حواليه ، ووقوع الزحف عند اشتهار هذا الخبر الى كاتبه النفيس أبي طالب عقيل بن حيدرة ، مستوفي ديوان المعاملات ، وقتله في الطريق ، عند أخذه من الدار التي لجأ اليها واختفى عند هروبه فيها ، وكان هؤلاء الثلاثة النفر الجناة الملاعين يبيتون حول سريره ، فلما قرر معهم هذا الأمر ، رقدوا في
__________________
(١) تعلق هذا بالصراع بين الوزير رضوان والخليفة الحافظ. أنظر اتعاظ الحنفا : ٣ / ١٦٨ ـ ١٧١.