البلد والحصن ، وواظب الزخف إليهما والشد عليهما ، فلما عاين صاحبها شدة الأمر والاستمرار على الاقامة (١٢٩ ظ) والمصابرة ، راسل في بذل الطاعة والمناصحة ، والسؤال في إقراره على ما كان عليه في أيام أبيه ، فحملته عاطفة القربى على احتمال ما جرى ، والاغضاء عما سلف ، وأجاب إلى ما التمس ، ونزل على ايثاره ما طلب ، وتقرر الأمر بينهما على ما اقترح ، وعاد شمس الملوك في العسكر إلى دمشق ظافرا مسرورا في أوائل المحرّم منها.
سنة سبع وعشرين وخمسمائة
في المحرم منها وردت الأخبار من ناحية الأفرنج بوقوع الخلف بينهم ، من غير عادة جارية لهم بذلك ، ونشبت المحاربة بينهم ، وقتل منهم جماعة.
وفيها صادف جماعة من التركمان صاحب زردنا (١) في خيله ، فظفروا به وقتلوه ، ومن معه ، واشتملوا على خيولهم وكراعهم ، وقيل ان ابن الدانشمند (٢) ظفر بفريق وافر خرج من القسطنطينية ، فأوقع به ، وقتل من كان فيه من الروم وغيرهم.
وفي سابع عشر جمادى الآخرة غار الأمير سوار (٣) من حلب في خيله على تل باشر ، فخرج من فيه من أبطال الافرنج إليه ، فقتل منهم تقدير ألف فارس ، وراجل ، وحمل رؤوسهم إلى حلب.
__________________
(١) قال ياقوت : زردنا بليدة من نواحي حلب الغربية ، ويجعل كل من ابن الأثير في كتابه الباهر : ٣٩ ـ ٤١ ، والمؤرخ السرياني المجهول العملية احتلال لزردنا من قبل زنكي ، إنما مع اختلاف في التاريخ.
(٢) هو محمد بن غازي خلف أباه سنة ٥٢٠ / ١١٢٦ م حسب رواية المؤرخ السرياني ، وفي الكامل لابن الأثير : ٨ / ٢٤٤ قال في أخبار سنة ٥٢٨ ه : في هذه السنة أوقع الدانشمد صاحب ملطية بالفرنج الذين بالشام ، فقتل كثيرا منهم ، ولم يذكر لا ابن الأثير ولا سواه الايقاع بفرنجة قادمين من القسطنطينة.
(٣) هو سيف الدين سوار من كبار قادة أتابك زنكي. انظر زبدة الحلب : ٢ / ٢٥١ ، والحادث عنده سنة ٥٢٦ ه.