ولاية القائد طزملت بن بكار البربري لدمشق
في بقية سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة
وصل القائد طزملت (١) المذكور إلى دمشق واليا عليها من قبل الحاكم بأمر الله في يوم الأحد لست بقين من ذي القعدة من السنة ، وكان هذا طزملت عبدا لابن زيري (٢) والي القيروان ، فولاه طرابلس الغرب فجار على أهلها ، وظلمهم وأخذ أموالهم ، فحصل له منهم مال عظيم ، فلما انتهى خبر ظلمه إلى مولاه طلبه والتمس إشخاصه إلى القيروان لكشف الأمر ، فخافه وانهزم اشفاقا على نفسه وماله ، ووصل إلى مصر وحمل بعض ما كان معه إلى الحاكم ، فتمكنت حاله عنده ، وتأثلت منزلته منه ، وولاه دمشق فأقام واليا عليها إلى المحرم سنة أربع وتسعين وثلاثمائة فصرف عنها بخادم من خدم الحضرة يقال له القائد مفلح اللحياني وسنشرح حاله في غير هذا المكان.
وكان في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة قد اجتمع في مصر أبو طاهر محمود ابن محمد النحوي (٤٠ و) وكان من أهل بغداد ، وطرأ إلى مصر ـ وإليه ديوان الحجاز ـ (و) المعروف بابن العداس المصري ـ وإليه ديوان الخراج ـ على الرفع على أبي العلاء فهد بن إبراهيم الوزير والسعاية به إلى الحاكم وعملا عملا بما اقتطعه وارتفق به ، واشتمل ذلك على جملة كبيرة من المال ، ولقيا الحاكم بالعمل ووقفاه عليه ، وبذلا له القيام بالأمر وتوفير ستة آلاف دينار في كل سنة ، فكان فهد يأخذها لنفسه ، فقال لهما : أنا أقبض عليه وأقلدكما النظر فيما كان ينظر فيه ، فقالا : لا يتم أمر ولا يمشي لنا عمل وفهد حي مأمول
__________________
(١) كذا في الأصل وفي مرآة الزمان وعند الصفدي في كتابه أمراء دمشق ـ ط. دمشق : ١٩٥٥ ، لكن الصفدي نفسه ذكر «وقيل تموصلت» وهذا ما أرجحه لأنه أقرب إلى صيغة الأسماء البربرية.
(٢) في الأصل «ابن وفري» وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا ، وكان صاحب تونس في هذه الآونة أبو مناد باديس بن المنصور بن يوسف بن زيري. انظر الخلاصة النقية في أمراء افريقية لمحمد الباجي ، ط. تونس : ١٢٨٣ ه ، ص : ٤٦.