رتب في المدة الطويلة ، وقد كانوا أحسنوا إلى هؤلاء المقدمين على الفساد كل الإحسان ، فبادر أهل شيزر قبل وصولهم إلى الباشورة ، ورفع الحرم [الرجال](١) بالحبال من الطاقات وصاروا معهم ، وأدركهم الأمراء بنو منقذ أصحاب الحصن ، وصعدوا إليهم ، وكبروا عليهم ، وقاتلوهم حتى ألجأوهم إلى القلعة ، فخذلوا وذلوا وهجموا إليهم وتكاثروا عليهم ، وتحكمت سيوفهم فيهم ، فقتلوهم بأسرهم ، وقتل كل من كان على رأيهم في البلد من الباطنية ، ووقع التحرز من مثل هذه الحال.
سنة ثمان وخمسمائة
في هذه السنة ورد الخبر من ناحية حلب بأن يايا المعروف بلؤلؤ الخادم ، أتابك الملك تاج الدولة ألب أرسلان ولد الملك رضوان صاحب حلب ، عمل عليه وواطأ جماعة من أصحابه على الايقاع به والفتك به عند وجود الفرصة مستهلة فيه ، فحين لاحت لهم وثبوا عليه فقتلوه في داره بقلعة حلب ، واضطرب الأمر بعده ، وقد كان تدبيره لنفسه وعسكريته ورعيته سيئا فاسدا لا يرجى له صلاح ولا إصلاح فمضى لسبيله غير مأسوف عليه ، ولا محزون لفقده (٢).
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين لتدارك سقط ألم بالنص ، وجاء في مرآة الزمان : ١ / ٤٦ : «ودلى الحرم بالحبال من القلعة وأصعدوا الرجال وفتحوا الأبواب ، وصعد الأمراء ...» ولعل هذه الواقعة ما أشار إليه أسامة بن مرشد بن منقذ في كتابه الاعتبار. ط. برنستون ١٩٣٠ : ١٢٣ ـ ١٢٥.
(٢) في ترجمة ألب أرسلان في بغية الطلب : «وساءت سيرة ألب أرسلان بحلب ، وانهمك في المعاصي ، واغتصاب الحرم ، خافه لؤلؤ اليايا ، فقتله بقلعة حلب في الثامن من شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وخمسمائة ، ونصب أخا له طفلا عمره ست سنين ، وبقي لؤلؤ بحلب الى أن قتل في آخر سنة عشر وخمسمائة». مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٩٦.