بينهم على هذه الصورة في المخيم بحوران ، وكان الرئيس المذكور قد فارقهم من حوران ، وعاد إلى البلد لمداواة مرض عرض له ، فلما استقر الأمر بينهم على هذه القضية ، وعادوا الى البلد ، وخرج الرئيس المذكور في جماعة لتلقيهم ، فحين سلم عليهم وافق ذاك حديث جرى بينهم في معنى المعاملات ، أجاب عنه جوابا غلظ عليهم وأنكروه منه ، فعادوا لذاك عن القبض عليه الى القتل له ، وقد كان بلغه اعتزامهم على إفساد حاله بأخذ ماله ، وأشير عليه بالاحتياط على نفسه ، والتحيل في دفع الضرر عنها ، فلم يقبل للأمر المقضي ، والقدر النازل ، فقتل مظلوما رحمهالله ، بغير استحقاق للقتل ، ومضى شهيدا واعتقل باقي أقاربه ، والتمسوا الأذن لهم بعد أيام في التوجه إلى صرخد ، دفعا للشر ، واخمادا لنار الفتنة ، فأذن لهم في ذلك ، فتوجه من توجه منهم اليها.
وفي هذه السنة في أواخرها حضر المعروف بالاصمعي الديوان الشهابي ، والتمس الأذن له في ضرب الدينار في دمشق ، على أن يكون عياره نصف وربع وثمن دينار خلاصا ، والباقي من الفضة والنحاس ، وكرر الخطاب الى أن أجيب الى ما طلب ، وتقرر ضربه على هذه السجية ، وان تنقش السكة باسم الامام الراشد بالله أمير المؤمنين ، والسلطان (١٤١ ظ) المعظم مسعود ، وشهاب الدين ، ولما وردت الأخبار بأخذ السلطان البيعة للإمام المتقي لأمر الله ، وتوجه الراشد بالله الى ناحية الموصل ، وأظهر السلطان رقعة بخط الراشد بالله تتضمن أنه متى خرج من داره ، وقصد محاربة السلطان ، أو أباح دما محرما ، بغير واجب ، أو مديدا الى أخذ مال من غير حله ، ولا جهته ، كانت بيعته باطلة ، وخرج من عهدة الخلافة ، وكان متعديا للواجب ، وبذاك أشهد على نفسه القضاة والفقهاء والأعيان ، فكان ذلك أوكد الحجة في خلعه ، ونقض أمره.