من كل ما يريد فعله ويروم قصده ، فأقام في منصب الخلافة أبا عبد الله محمد أخا المسترشد بالله ، ولقبه المقتفي لأمر الله ، وعمره أربعون سنة ، وأخذ البيعة له على جاري الرسم ، وخطب له على المنابر في بلاده فقط ، في ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة ، وبقي الأمر واقفا إلى أن تقرر الصلح بين السلطان مسعود ، وبين عماد الدين أتابك في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ، فخطب له وللسلطان في الموصل ، وسائر الأعمال ، وسيأتي ذكر ذلك مشروحا في في موضعه.
وفي هذه السنة ، سنة ثلاثين وخمسمائة تشتى السلطان مسعود ببغداد ، وأتابك عماد الدين (١٤١ و) والإمام الراشد بالله ، ووزيره جلال الدين أبو الرضا بن صدقة بظاهر الموصل.
وفيها وردت الأخبار في ذي القعدة منها ، بظهور متملك الروم من القسطنطينية (١) ، وحكي أن طالع ظهوره كان عشر درج من الميزان ، وأن الزهرة والمشتري في العاشر والشمس في الأسد والمريخ في السابع ، والله أعلم بالغيب.
وفي يوم الجمعة السابع عشر من رمضان من السنة ، قتل الرئيس محيي الدين أبو الذواد المفرج بن الحسن بن الحسين الصوفي ، رئيس دمشق بظاهر المسجد الجديد ، قبلي المصلى في اليوم المذكور ، والسبب في ذلك أن الأمير شهاب الدين محمود بن تاج الملوك ، صاحب دمشق ، والأمير بزواج ، والحاجب سنقر ، كانوا قد أنكروا عليه أمورا بلغتهم عنه ، وأحوالا استوحشوا بسببها منه ، فشرعوا في افساد حاله ، وتحدثوا في أخذ ماله ، وتقررت الحال فيما
__________________
(١) هو الامبراطور جون ـ أو يوحنا ـ كومنين جمع جيشا لجبا بالغ المؤرخ السرياني المجهول في تقدير عدده ، فجعله «أربعمائة ألف رجل من الاغريق والفرنجة والألمان والهنغاريين». أنظر أيضا الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٥٨ ، حيث التاريخ عنده وعند المؤرخ السرياني سنة ٥٣١ ه / ١١٣٧ م.