ثم تناصرت الأخبار بعد ذلك من ناحية المغرب ، بظهور أحد تلامذة المذكور يعرف بالفقيه عبد المؤمن ، فلقب بالمهدي ، أمير المؤمنين وخليفة المهدي إلى سبيل الموحدين (١) ، واجتمع اليه مع من كان في حزبه من طوائف السوس ، والبربر ، والمصامدة ، والمرابطين ، والملثمين ما لا يحصى له عدد ، ولا يدركه أمر ، وشرع في سفك الدماء ، وافتتاح البلاد المغربية بالسيف والقتل لمن بها من الرجال والحرم والأطفال ، ما شاعت به الأخبار وانتشر ذكره في سائر الأقطار ، ووردت مكاتبات السفار والتجار ، ومن جملتها كتاب وقفت عليه من هذا الخارجي ما نسخة عنوانه :
من أمير المؤمنين ، وخليفة المهدي إلى سبيل الموحدين إلى أهلية (٢).
بسم الله الرحمن وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
أما بعد : يا عضد الفجار ، وعناد الفساق الأشرار ، فقد كاتبناكم بالبنان ، وخاطبناكم بالبيان ، حتى سار كالبدر ، واستمر مرور الدهر ، فلم تجيبوا ، ولا أطعتم ، بل تثاقلتم عن الحق ، وعصيتم ، وإن الله سينتقم منكم لأوليائه نقمة من كان قبلكم من الأمم الجاحدة ، والفرق المعاندة ، فانتظروا سيف الدم ينهلكم ، وحجارة المدر تدمغكم ، ثم لا يكون لكم استرجاع ، ولا يقبل فيكم استشفاع ، وهذه خيل الله قد أظلتكم وبلها ، وطمى عليكم سيلها ، فتأهبوا للموت ، والسلام على من اتبع (١٥٩) الهدي هداه ، ولم يغلب عليه هواه ورحمة الله وبركاته.
__________________
(١) كذا وفي الخبر وهم وفي العبارة اضطراب ، فابن تومرت أعلن مهدي زمانه ، أما عبد المؤمن فقد «لقبه الموحدون بالخليفة أمير المؤمنين» انظر الحلل الموشية ١٠٧ ـ ١٠٨ ، ١٤٢.
(٢) هذه الرواية شاذة ، ففي عدد من رسائل عبد المؤمن وصلتنا نصوصها ونشرت في كتاب رسائل موحدية. ط. الرباط : ١٩٤١ نجد مطلع كل رسالة هو : «من أمير المؤمنين ، أيده الله بنصره ، وأمده بمعونته الى ...» هذا ولم أجد الرسالة التي أوردها ابن القلانسي في هذا المجموع.