وفي هذه السنة ، عرض لكريم الملك أبي الفضل أحمد بن عبد الرزاق ، وزير شمس الملوك ، مرض حاد ، لم يزل به إلى أن توفي إلى رحمة الله في يوم الأحد الحادي والعشرين من ذي الحجة منها ، فحزن له الناس وتفجعوا بوفاته ، وتأسفوا عليه لحسن طريقته ، ومشكور أفعاله ، وحميد خلاله ، وكان محبا للخير متمسكا بالدين ، مواظبا على تلاوة القرآن العظيم.
وفي صفر من السنة نهض صاحب بيت المقدس ملك الافرنج في خيله ، إلى أطراف أعمال حلب ، ووصل الى موضع يعرف (١) بنواز ، فنهض إليه الأمير سوار النائب في حلب في عسكر حلب ، وما انضاف إليه من التركمان ، فالتقوا وتحاربوا أياما ، وتطاردوا إلى أن وصلوا الى أرض قنسرين ، فحمل الأفرنج عليهم فكسروهم كسرة عظيمة ، قتلوا فيها من المسلمين تقدير مائة فارس ، فيهم جماعة من المقدمين المشهورين المذكورين (٢) ، وقتل من الأفرنج أكثر من ذلك ، ووصل الفل إلى حلب ، وتم الأفرنج إلى قنسرين ، ثم الى المقاومة (٣) ثم الى نقرة الأحرين (٤) فعاود الأمير سوار النهوض اليهم من حلب في من بقي من العسكر والأتراك فلقوا فريقا من الأفرنج فأوقعوا به وكسروه وقتلوا منه تقدير مائة فارس فانكفت الافرنج هزيما نحو بلادهم وعاد المسلمون برؤوس القتلى والقلائع إلى حلب فانجلت تلك الغمة بتسهل هذه النعمة ، ووصل الملك إلى أنطاكية.
وانتهى الى (١٣٢ ظ) سوار خبر [غارة](٥) خيل الرها ، فنهض الأمير
__________________
(١) في ياقوت هي إحدى قرى جبل السماق من أعمال حلب.
(٢) ذكر بعضهم ابن العديم في زبدة الحلب : ٢ / ٢٥٢.
(٣) كذا بالأصل ولم أهتد الى هذا الموقع.
(٤) كذا بالأصل ، والنقرة موقع خارج حلب ، وقد اكتفى ابن العديم في زبدة الحلب : ٢ / ٢٥٢ بالقول : «وتحول الفرنج الى النقرة فصابحهم سوار والعسكر فأوقعوا بسرية منهم ، فقتلوهم وعادوا برؤوسهم وأسرى منهم».
(٥) أضيف ما بين الحاصرتين توضيحا ، انظر زبدة الحلب : ٢ / ٢٥٢.