وفيها شرع في عمارة قلعة الشريف بحلب ، وترميم ما كان هدم منها ، وإعادتها الى ما كانت عليه في حال عمارتها (١).
وفيها وردت الأخبار من ناحية المغرب بأن الأفرنج استولوا على بلاد الأندلس ، وتملكوها ، وفتكوا بأهلها ، وأن صاحب طليطلة (٢) استصرخ بالملثمين واستنجد بهم على الأفرنج ، فأجابوه الى الإنجاد ، ونهضوا للإغاثة والإسعاد ، وطلب الجهاد ، ووصلوا إليه في خلق عظيم ، وجيش كثيف ، وصاففوا الأفرنج وهم في الأعداد الدثرة ، والعدد الغاية في الكثرة ، فكسروا عسكر الأفرنج كسرة عظيمة أجلت عن قتل الأكثر منهم ، ولم يفلت إلا من سبق جواده ، وأخر في أجله بحيث أحصي القتلى فكانوا (٦٥ و) عشرين ألفا ، فجمعت رؤوسهم وبني بها أربع منائر للتأذين في غاية الإرتفاع ، وأذن المسلمون فيها ، وعاد عسكر الملثمين إلى بلادهم سالمين ظافرين مسرورين مأجورين ، وامتنعوا من استخلاص ما كان ملكه الأفرنج من بلاد الأندلس ، وبقي في أيديهم على حاله.
__________________
(١) في الأصل «عمارة القلعة الشريف» وفي العبارة على هذا الشكل بعض اللبس ، فعندما قتل مسلم بن قريش كان ابن عمه سالم بن مالك مقيما في قلعة المدينة متحكما بها ، وفي نفس الوقت كانت أمور المدينة بيد الأحداث ، الذين كان زعيمهم الشريف حسن بن هبة الله الحتيتي ، وبعد مقتل مسلم لما لم يكن للحتيتي سيطرة على قلعة حلب ، وكان بحاجة إلى موقع دفاعي حصين ، يتخذه مقرا له ، قام ببناء ـ أو اعادة بناء ـ قلعة لنفسه وأحداثه داخل المدينة ، ولا يزال موقع هذه القلعة معروفا ، فأحد أحياء حلب الواقعة جنوبي القلعة الكبيرة يعرف الآن باسم «قلعة الشريف». مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٠١.
(٢) كذا بالأصل ، وهو خطأ صوابه ـ اشبيلية ـ والخطأ الثاني هنا أن ما يشير إليه كان في السنة التالية ، فهو يتحدث عن معركة الزلاقة ، حين عبر يوسف بن تاشفين على رأس جيوش المرابطين ـ الملثمين ـ إلى الأندلس بناء على دعوة المعتمد بن عباد صاحب اشبيلية ومعاضدة بقية أمراء الأندلس. انظر الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية بتحقيقي. ط. الدار البيضاء : ١٩٧٩ ص : ٢٣ ـ ٦٦. حيث تعليل عدم استغلال نصر الزلاقة وذلك بالاضافة إلى الوصف التفصيلي لها.