المشركين ، الأضداد المفسدين في البلاد ، والناكثين أيمانهم الموكدة في الموادعة والمهادنة ، فعند ذلك أمر المولى نور الدين بزينة البلد المحروس سرورا بهذه الأحوال ، وفعل في ذلك ما لم تجر عادة فيما تقدم في أيام الولاة الخالية ، وأمر مع ذلك بزينة قلعته ودار مملكته بحيث جلل أسوارها بالآلات الحربية من الجواشن والدروع والتراس والسيوف والرماح والطوارق الأفرنجية ، والقنطارات والأعلام والمنجوقات والطبول والبوقات ، وأنواع الملاهي المختلفات ، وهرعت الأجناد والرعايا وغرباء البلاد من المسافرين لمشاهدة الحال فشاهدوا ما استحسن منه ، مدة سبعة أيام فالله تعالى يقرن ذلك بالتوفيق والإقبال ، وتحقيق الآمال في إهمال الكفرة أولي الأفك والضلال ، بمنه وفضله.
وفي يوم الثلاثاء الثالث عشر من ربيع الأول ، توجه المولى نور الدين أدام الله أيامه الى ناحية بعلبك ، لتفقد أحوالها وتقرير أمر المستحفظين لها ، وتواصلت الأخبار إليه من ناحية حمص وحماة بإغارة الأفرنج الملاعين على تلك الأعمال ، وإطلاقهم فيها أيدي العيث والفساد ، والله تعالى يحسن الإدالة منهم ويعجل البوار عليهم ، والاهلاك لهم.
وفي يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، توجه زين الحجاج كتب الله سلامته ، الى ناحية مصر رسولا من المولى نور الدين ، لإيصال ما صحبه من المطالعات الى صاحب الأمر فيها ، وصحبته أيضا الرسول الواصل منها.
وفي يوم الأحد الخامس عشر من شهر ربيع الأول ، ورد المبشر من المعسكر المنصور برأس الماء ، بأن نصرة الدين أمير ميران ، لما انتهى إليه خبر الأفرنج الملاعين بأنهم قد أنهضوا سرية وافرة من العدد من أبطالهم (١٨٤ و) الموفورة العدد الى ناحية بانياس لتوليها وتقويتها بالسلاح والمال ،