في سنة احدى وأربعين وخمسمائة بالتواريخ المتقدمة والحكايات المختلفة ، فرأيت ذكر ذلك وشرحه في هذا المكان : فمن ذلك ظهور المعروف بالفقيه السوسي ، الخارج بالمغرب ، وما آل إليه أمره ، الى أن هلك ، ومن قام بعده واستمر على مذهبه ، وما اعتمده من الفساد ، وسفك الدماء ، ومخالفة الشريعة الإسلامية ، ومبدأ ذلك على ما حكي ظهور المعروف بالفقيه أبي [عبد الله](١) محمد بن تومرت من جبل السوس ، ومولده به ، وأصله مصمودي ، وكان غاية في التفقه والدين ، مشهورا بالورع والزهد ، وكان قد سافر الى العراق وجال في تلك الأعمال ، ومهر في المناظرة والجدال ، واجتمع بأئمة الفقهاء ، وأخذ عنهم ، وسمع منهم ، وعاد إلى ناحية مصر وما والاها ، واجتمع مع علمائها ، وقرأ عليهم ، ثم عاد الى المغرب ودعا إلى مذهب الفكر ، وابتداء ظهوره في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة في مدينة تعرف بدرن (٢) في جبل أوله في البحر المحيط وآخره في بحر الاسكندرية في رأس أوثان ، وغلب على جبل السوس ، واجتمع إليه خلق كثير من قبائل المصامدة بجبل درن ، وقيل أنه وصل الى المهدية وأمر أهلها أن يبنوا قصرا على نية الفكرة ، (١٥٨ ظ) وأن يعبدوا الله فيه بالفكرة ، فاجتمع مشايخ أهل المهدية وفقهاؤها ، وعزموا على بناء ما أمرهم به ، والعبادة لله تعالى فيه ، فقام رجل من كبار الفقهاء ، وقال : نقيم ما أقمنا بالمهدية ، ويجيء إليكم رجل بربري مصمودي ، يأمركم بالعبادة بالفكرة فتجيبون الى ما أمركم به ، وتسارعون الى قبول ما ذكره لكم؟! وأنكر هذا الأمر إنكارا شديدا ، حتى عادوا عنه ، وأبطلوه ، واقتضت هذه الحال خروج الخارجي من المهدية ، إذ لم يتم له فيها أمر ،
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين تقويما. أنظر الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية ، بتحقيقي. ط. الدار البيضاء : ١٩٧٩ ص : ١٠٣.
(٢) كذا ، فدرن اسم الجبل ، وهو ما ندعوه الآن باسم الأطلس الكبير ، وقد ولد وسط هرغة وهي قبيلة بالسوس الأقصى. الحلل الموشية : ١٠٣.