وأنفذ الى ولده سيف الدين محمد ، النائب فيه باعتداد ما يحتاج إليه ، وتلقى مجير الدين بما يجب له ، فخرج إليه في بعض أصحابه ، ومعه المفاتيح ، فوفاه ما يجب له من الإعظام ، وأخلى الحصن من الرجال ، ودخل إليه في خواصه ، فسر بذلك ، وتعجب من فعل مجاهد الدين ، وشكره على ذلك ، وقدم إليه ما أعده من القود والتحف ، وعاد عنه شاكرا إلى مخيمه على بصرى وحاربها عدة أيام الى أن استقر (١٧٣ و) الصلح ، والدخول فيما أراد وعاد الى البلد.
وفي أوائل شعبان من السنة ، وردت الأخبار بوفاة السلطان غياث الدنيا والدين مسعود بن السلطان محمد.
وفي العشر الأول من شوال من السنة ، الموافق للعشر الأول من تشرين الثاني ، تغير الماء والهواء في دمشق ، وعرض لأهلها الحمى والسعال ، بحيث عم الخاص والعام ، والشيوخ والشباب والأطفال ، بحيث وقع الزحام على حوانيت العطارين لتحصيل المغلي ، وحكى الحاكي أن بعض العطارين أحصى ما باعه في يوم ، فكان ثلاثمائة وثمانين صفة ، والسالم منه والمعافي الأكثر ، وما يقيم هذا المرض بالإنسان أكثر من الاسبوع ودونه ، ويمضي من قضى أجله ، وصعب أمر المغسلين والحفارين ، واحتيج إليهم لكثرة الموتى.
وفي يوم السبت الرابع وعشرين من شوال من السنة ، توفي الأمير سعد الدولة أبو عبد الله محمد بن المحسن بن الملحي رحمهالله ، ودفن في مقابر الكهف (١) وكان فيه أدب وافر ، وكتابة حسنة ، ونظم جيد ، وتقدم والده في حلب في التدبير والسياسة ، وعرض الأجناد.
__________________
(١) خارج دمشق في جبلها معروف حتى الآن ، لم يتغير اسمه.