بشرح الحال ، فأنكر الوزير ابن كلس فعل منشا وإهماله بكجور حتى نجا ، وأشخصه إلى مصر مع المستأمنة من أصحاب بكجور ، وقال له : خليت بكجور خوفا على نفسك ، أما كان معك (١) عسكر فيه كفاية؟ فقال : لم يكن غير ما فعلته ، لأن نزالا تأخر عنا وتثاقل ، وكان بكجور في قوة وكثرة من العرب وغيرهم ، وهم أصحاب دروع وجواشن وخيل سبّق ، فلم يقبل عذره وعزله عن تدبير العسكر ، وكان ابن كلس يخاف من بكجور أن تكون له عودة إلى ولاية دمشق فيتمكن من دمشق ، فأنفذ رسولا إليه يقول له : ما أردنا رحيلك عن البلد ، وإنما إنفاذنا العسكر لابعاد ابن الجراح لفساده وعناده ، وما كان من ضياع وغلات فلك إفعل فيها ما أحببت فما لنا فيه حاجة ، فحمل بكجور ما كان له بدمشق ، وأقام بالرقة منقطعا ليس له سلطان يستند إليه ، وكان بالرقة يراسل كرديا يقال له باذ (٢) قد غلب على ميّافارقين ، ويراسل أبا المعالي بن سيف الدولة بحلب أن يردّه إلى العمل الذي كان في يده من حمص ، فلما كان في سنة تسع وسبعين وثلاثمائة خرج عسكر صاحب بغداد إلى باذ الكردي المقدم ذكره لغلبته على الموصل وديار ربيعة فكسر وانهزم عسكره وأصحابه ، وعرف بكجور ذلك فخاف من عسكر بغداد فراسل سعد الدولة أبا المعالي يسأله تولية حمص فأجابه الى ذلك.
وكان ابن كلس يسأل (٢٤ و) عن أخباره بالرقة خوفا منه ، فلما عرف الوزير ذلك قال : يجاورنا بكجور في حمص فيطمع في الديار ، فأرسل إلى غلام له يقال له ناصح الطباخ بأن يسير إلى حمص فيأخذ من بها من أصحاب
__________________
(١) في الأصل «معه» وهو خطأ يدل عليه سياق الخبر ، وصوابه ما أثبتناه.
(٢) ظهر بين الأكراد وقادهم في عمليات قادته إلى دخول الموصل والتفكير بالزحف على بغداد ، اصطدم أثناء نشاطه ببقايا الحمدانيين وبقبيلة عقيل وقتل سنة ٣٨٠ ه / ٩٩٠ م ، وقد نجم عن نشاطه فيما نجم قيام الدولة المروانية في ميافارقين. انظر ذيل تجارب الأمم : ٣ / ١٧٦ ـ ١٧٨. تاريخ الفارقي : ٤٩ ـ ٥٨. الكامل لابن الأثير ؛ ١٢٢ ، ١٤٢ ـ ١٤٣.